لا غاية لكثرته ، من خير الدارين الّذي لم يعطه أحد غيرك. فاجتمعت لك الغبطتان السنيّتان على الوجه الأكمل الأتمّ ، فإنّ زنة فوعل موضوعة للمبالغة جدّا.
وقيل : الكوثر نهر في الجنّة. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قرأها حين أنزلت عليه فقال : «أتدرون ما الكوثر؟ إنّه نهر في الجنّة ووعدنيه ربّي ، فيه خير كثير». ثمّ قال في صفته : «أحلى من العسل ، وأشدّ بياضا من اللبن ، وأبرد من الثلج ، وألين من الزبد ، حافّتاه الزبرجد ، وأوانيه من فضّة ، عدد نجوم السماء. لا يظمأ من شرب منه أبدا. أوّل وارديه فقراء المهاجرين ، الدنسوا الثياب ، الشعث الرؤوس ، الّذين لا يزوّجون المنعّمات ، ولا تفتح لهم أبواب السدد ، يموت أحدهم وحاجته تتلجلج في صدره ، لو أقسم على الله لأبّره». أي : لو سأل الله أجابه.
وعن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «نهر في الجنّة أعطاه الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عوضا من ابنه».
وروى مسلم في الصحيح عن أنس : «بينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى (١) إغفاء ، ثمّ رفع رأسه متبسّما. فقلت : ما أضحكك يا رسول الله؟ قال : أنزلت عليّ آنفا سورة. فقرأ الكوثر ، ثمّ قال : أتدرون ما الكوثر؟ قلنا : الله ورسوله أعلم. قال : فإنّه نهر ووعدنيه عليه ربّي خيرا كثيرا ، هو حوضي ترد عليه أمّتي يوم القيامة ، آنيته عدد نجوم السماء. فيختلج (٢) القرن منهم ، فأقول : يا ربّ إنّهم من أمّتي. فقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (٣).
وعن عكرمة : الكوثر النبوّة والقرآن. وقيل : كثرة الأصحاب والأشياع. وقيل : هو الشفاعة.
__________________
(١) أي : نعس ونام نومة خفيفة.
(٢) أي : يجتذب وينتزع. والقرن : الجماعة والأمّة.
(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٠٠ ح ٥٣.