وعن ابن عبّاس : أنّه فسّر الكوثر بالخير الكثير. فقال له سعيد بن جبير : إنّ ناسا يقولون : هو نهر في الجنّة. فقال : هو من الخير الكثير.
وقيل : كثرة ذرّيّته من ولد فاطمة عليهاالسلام حتّى لا يحصى عددهم. ويؤيّده ما روي عن ابن عبّاس : أنّها نزلت في العاص بن وائل السهمي. وذلك أنّه رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخرج من المسجد ، فالتقيا عند باب بني سهم وتحدّثا ، وأناس من صناديد قريش جلوس في المسجد ، فلمّا دخل العاص قالوا من الّذي كنت تحدّث؟ قال : ذلك الأبتر. وكان قد توفّي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو من خديجة ، وكانوا يسمّون من ليس له ابن ابتر ، فسمّته قريش عند موت ابنه أبتر وصنبورا ، وهو الّذي لا عقب له. واللفظ محتمل للكلّ ، فيجب أن يحمل على جميع ما ذكر من الأقوال.
(فَصَلِّ لِرَبِّكَ) فدم على الصلاة خالصا لوجه الله الّذي أعزّك بإعطائه إيّاك الخير الكثير في الدارين ، وصانك من منن الخلق ، خلاف الساهي عنها المرائي فيها ، شكرا لإنعامه ، فإنّ الصلاة جامعة لأقسام الشكر (وَانْحَرْ) البدن الّتي هي خيار الأموال ، وتصدّق على المحاويج لله تعالى ، خلافا لهم في النحر للأوثان ، ولمن يدعهم ويمنع عنهم الماعون.
وعن عطيّة : صلاة الفجر بجمع ، والنحر بمنى. عن عطاء وعكرمة وقتادة : صلاة العيد والنحر بمنى. والأولى أن يكون جنس الصلاة والنحر.
وقيل : معناه : صلّ لربّك الصلاة المكتوبة ، واستقبل القبلة بنحرك. وتقول العرب : منازلنا تتناحر ، أي : هذا ينحر هذا ، يعني : يستقبله.
وما روى العامّة عن عليّ عليهالسلام أنّ معناه : ضع يدك اليمنى على اليسرى حذاء النحر في الصلاة.
فممّا لا يصحّ عنه ، لأنّ جميع عترته الطاهرة قد رووه عنه بخلاف ذلك ، وهو أنّ معناه : ارفع يديك إلى النحر في الصلاة.