أَبِي لَهَبٍ) بن عبد المطّلب عمّ النبيّ. والمراد نفسه ، كقوله : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (١). وقيل : معناه : صفرت يداه من كلّ خير.
وإنّما خصّتا لما روي أنّه عليهالسلام لمّا نزل عليه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢) رقى الصفا وقال : «يا صباحاه ، فاجتمع إليه الناس من كلّ أوب. فقال : يا بني عبد المطّلب ، يا بني فهر ، إن أخبرتكم أنّ بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدّقيّ؟
قالوا : نعم. قال : فإنّي نذير بين يدي الساعة».
فقال أبو لهب : تبّا لك ألهذا دعوتنا؟
وأخذ حجرا ليرميه ، فنزلت. وقيل : المراد بهما دنياه وأخراه.
وإنّما كنّاه والتكنية تكرمة ، لاشتهاره بكنيته دون اسمه ، لحسنه وإشراق وجهه ، وكانت وجنتاه كأنّهما تلتهبان. أو لأنّ اسمه عبد العزّى ، فاستكره ذكره. أو لأنّه لمّا كان من أصحاب النار كانت الكنية أوفق بحاله. أو ليجانس قوله : «ذات لهب». أو ليتهكّم به وبافتخاره بذلك. وقرأ ابن كثير بإسكان الهاء.
(وَتَبَ) إخبار بعد إخبار. والتعبير بالماضي لتحقّق وقوعه ، كقوله :
جزاني جزاه الله شرّ جزائه |
|
جزاء الكلاب العاويات وقد فعل |
أو الأوّل إخبار عمّا كسبت يداه ، والثاني عن عمل نفسه.
روي : أنّه كان يقول : إن كان ما يقول ابن أخي حقّا فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي. فردّ الله تعالى عليه ذلك القول بقوله : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ) إمّا نفي لإغناء المال عنه حين نزل به التباب ، أو استفهام إنكار ، ومحلّها النصب (وَما كَسَبَ) موصولة أو مصدريّة ، أي : وما كسبه. يعني : مكسوبه أو وكسبه بماله ، من النتائج والأرباح ، والوجاهة والأتباع والخدم. أو عمله الّذي ظنّ أنّه ينفعه. أو ولده عتبة.
__________________
(١) البقرة : ١٩٥.
(٢) الشعراء : ٢١٤.