وحكي : أنّ بني أبي لهب احتكموا إلى ابن عبّاس فاقتتلوا ، فقام يحجز بينهم ، فدفعه بعضهم فوقع ، فغضب ابن عبّاس فقال : أخرجوا عنّي الكسب الخبيث. ومنه : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ، وإنّ ولده من كسبه».
وقد افترس أسد عتبة في طريق الشام وقد أحدق به العير. ومات أبو لهب بالعدسة ـ وهي بثرة (١) تخرج بالإنسان ـ بعد وقعة بدر بأيّام معدودة ، وترك ثلاثا حتّى أنتن ، ثمّ استأجروا بعض السودان حتّى دفنوه. فهو إخبار عن الغيب طابقه وقوعه.
(سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) اشتعال. يريد نار جهنّم. وفي هذا دلالة على صدق النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحّة نبوّته ، لأنّه أخبر بأنّ أبا لهب يموت على كفره ، وكان كما قال.
وقال صاحب المجمع : «وإذا قيل : هل كان يلزم أبا لهب الإيمان بعد هذه السورة؟ وهل كان يقدر على الإيمان؟ ولو آمن لكان فيه تكذيب خبر الله سبحانه بأنّه سيصلى نارا ذات لهب.
فالجواب : أنّ الإيمان يلزمه ، لأنّ تكليف الإيمان ثابت عليه ، وإنّما توعّده الله بشرط أن لا يؤمن. ألا ترى إلى قوله سبحانه في قصّة فرعون (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) (٢). وفي هذا دلالة على أنّه لو تاب قبل وقت اليأس لكان يقبل منه ، ولهذا خصّ ردّ التوبة عليه بذلك الوقت. وأيضا فلو قدّرنا أنّ أبا لهب سأل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : لو آمنت هل أدخل النار؟ لكان عليهالسلام يقول له : لا ، وذلك لعدم الشرط» (٣).
(وَامْرَأَتُهُ) عطف على المستكن في «سيصلى» أي : سيصلاها هو وامرأته ، وهي أمّ جميل بنت حرب أخت أبي سفيان (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) صفتها. والمراد
__________________
(١) البثرة : خراج صغير ، كالدمّلة.
(٢) يونس : ٩١.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٥٦٠.