حطب جهنّم ، فإنّها كانت تحمل الأوزار بمعاداة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتحمل زوجها على إيذائه. أو حزمة الشوك ، لما روي أنّها كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك (١) فتنثرها بالليل في طريق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : كانت تمشي بالنميمة. ويقال للمشّاء بالنمائم المفسد بين الناس : يحمل الحطب بينهم ، أي : يوقد بينهم نائرة الخصومة ، ويورّث الشرّ.
وقرأ عاصم بالنصب على الشتم. وهذه القراءة أحسن ، لأنّها قد توسّل بها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بجميل : من أحبّ شتم أمّ جميل.
ويجوز أن يكون قوله : «امرأته» مرفوعا بالابتداء ، وخبره (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي : ممّا مسد ، أي : فتل من الحبال فتلا شديدا ، من ليف كان أو جلد ، أو غيرهما. ومنه : رجل ممسود الخلق ، أي : مجدوله (٢). وعلى الأوّل فالظرف موضع الحال. وهو تصوير لها بصورة الحطّابة الّتي تحمل الحزمة وتربطها في جيدها ، تحقيرا لشأنها ، أو بيانا لحالها في نار جهنّم ، حيث يكون على ظهرها حزمة من حطب جهنّم من شجر الزقّوم والضريع ، وفي جيدها سلسلة من النار ، كما يعذّب كلّ مجرم بما يجانس حاله في جرمه.
وعن ابن عبّاس : في عنقها سلسلة من حديد طولها سبعون ذراعا ، تدخل من فيها ، وتخرج من دبرها ، وتدار على عنقها في النار.
ويروى عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لمّا نزلت هذه السورة أقبلت العوراء أمّ جميل بنت حرب ولها ولولة ، وفي يدها فهر (٣) ، والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جالس في المسجد
__________________
(١) الحسك : نبات شائك.
(٢) يقال : رجل مجدول ، أي : لطيف القصب محكم الفتل. والقصب جمع القصبة : الخصلة الملتوية من الشعر.
(٣) الفهر : حجر رقيق تسحق به الأدوية.