قال : الملائكة بنات الله أو المسيح ابن الله ، أو ليطابق قوله : (وَلَمْ يُولَدْ) لأنّ كلّ مولود محدث وجسم ، وهو قديم لا أوّل لوجوده ، وليس بجسم.
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) أي : ولم يكن أحد يكافئه ـ أي : يماثله ـ من صاحبة أو غيرها. ويجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح ، نفيا للصاحبة. وكان الأصل أن يؤخّر الظرف الّذي هو لغو غير مستقرّ ، وقد نصّ سيبويه على امتناع تقديمه ، لكن لمّا كان المقصود نفي المكافأة عن ذاته تعالى قدّم ، تقديما للأهمّ.
ويجوز أن يكون حالا من «أحد». ولعلّ ربط الجمل الثلاث بالعطف لأنّ المراد منها نفي أقسام المكافأة ، فهي كجملة واحدة منبّهة عليها بالجمل.
وقرأ حمزة ويعقوب ونافع في رواية : كفؤا بالتخفيف. وحفص كفوا ، بالحركة وقلب الهمزة واوا.
ولاشتمال هذه السورة ـ مع قصرها ـ على جميع المعارف الإلهيّة ، والردّ على من ألحد فيها ، جاء في الحديث أنّها تعدل ثلث القرآن ، فإنّ مقاصده محصورة في بيان العقائد والأحكام والقصص. ومن عدلها بكلّه اعتبر المقصود بالذات من ذلك ، فإنّ هذه السورة إنّما هي في بيان الأوّل ، لأنّها مشتملة على صفاته الجلال والكمال ، فإنّ قوله : (هُوَ اللهُ) إشارة لهم إلى من هو خالق الأشياء وفاطرها. وفي طيّ ذلك وصفه بأنّه قادر عالم ، لأنّ الخلق يستدعي القدرة والعلم ، لكونه واقعا على غاية إحكام واتّساق وانتظام. وفي ذلك وصفه بأنّه حيّ سميع بصير. وقوله : «أحد» وصف بالوحدانيّة ونفي الشركاء. وقوله : «الصمد» وصف بأنّه ليس إلّا محتاجا إليه ، وإذا لم يكن إلّا محتاجا إليه فهو غنيّ. وفي كونه غنيّا مع كونه عالما أنّه عدل غير فاعل للقبائح ، لعلمه بقبح القبيح ، وعلمه بغناه عنه. وقوله : (وَلَمْ يُولَدْ) وصف بالقدم والأوّليّة. وقوله : (لَمْ يَلِدْ) نفي للشبه والمجانسة. وقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) تقرير لذلك ، وبتّ للحكم به.