لانحصار الشرور فيه ، فإنّ عالم الأمر خير كلّه.
(وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ) ليل إذا اعتكر (١) واختلط ظلامه. من قوله : (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) (٢). وأصله : الامتلاء. يقال : غسقت العين ، إذا امتلأت دمعا. وغسقت الجراحة : امتلأت دما. وقيل : السيلان. وغسق الليل انصباب ظلامه. وغسق العين سيلان دمعها. (إِذا وَقَبَ) دخل ظلامه في كلّ شيء. وتخصيصه مع دخوله تحت قوله : (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) لأنّ انبثاث المضارّ فيه أكثر ، والتحرّز منه أصعب. ولذلك قيل : الليل أخفى للويل. وقولهم : أغدر الليل ، لأنّه إذا أظلم كثر فيه الغدر.
وقيل : المراد به القمر ، فإنّه يكسف فيغسق. ووقوبه : دخوله في الكسوف.
ويجوز أن يراد بالغاسق الأسود من الحيّات. ووقبه : ضربه ونقبه.
(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) ومن شرّ النفوس ، أو الجماعات ، أو النساء السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ويرقين. والنفث : النفخ مع ريق.
وتخصيصه لماروي أنّ لبيد بن أعصم اليهودي سحر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ دسّ ذلك في بئر ذروان لبني زريق. وفي رواية أنّ بناته سحرن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ دسسن ذلك في البئر المذكور. فمرض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فبينا هو نائم إذ أتاه ملكان ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، فأخبراه بذلك ، وأنّه في بئر ذروان في جفّ طلعة تحت راعوفة. والجفّ : قشر الطلع (٣). والراعوفة : حجر في أسفل البئر يقوم عليها الماتح (٤). فانتبه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعث عليّا عليهالسلام والزبير وعمّار فنزحوا
__________________
(١) اعتكر الليل : اشتدّ سواده.
(٢) الإسراء : ٧٨.
(٣) الطلع من النخل : شيء يخرج كأنّه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود.
(٤) أي : ما يستخرج به الماء. من : متح الماء : نزعه.