روي : أنّه لمّا نزل : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (١). قالوا : قد عرفنا عدّة ذوات الأقراء ، فما عدّة اللائي لا يحضن؟ فنزلت :
(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ) شككتم في عدّتهنّ ، فلا تدرون لكبر ارتفع حيضهنّ أم لعارض (فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ).
وقيل : إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس أهو دم حيض أو استحاضة؟ فعدّتهنّ ثلاثة أشهر.
والأوّل موافق لمذهب أكثر أصحابنا من كون الآيسة لا عدّة لها ، لما رواه جماعة منهم عبد الرحمان بن الحجّاج عن الصادق عليهالسلام : «ثلاث يتزوّجن على كلّ حال : الّتي لم تحض ، ومثلها لا تحيض. قال : قلت : وما حدّها؟ قال : إذا أتى لها أقلّ من تسع سنين. والّتي لم يدخل بها. والّتي قد يئست من الحيض ، ومثلها لا تحيض. قال : قلت : فما حدّها؟ قال : إذا كان لها خمسون سنة».
فعلى هذا يكون العدّة المذكورة ـ أعني : الأشهر الثلاثة ـ لمن هي في سنّ من تحيض ، أو يقطع عنها الحيض لعارض ، من مرض أو رضاع وغير ذلك ، سواء كان ذلك الانقطاع مع الشكّ في سنّها أو لا معه ، بل الشكّ في سبب الانقطاع ، وهو المشار إليه بقوله : «إن ارتبتم». أو لا للشكّ ، بل مع القطع بانقطاعه والجزم بسببه.
وهو المشار إليه بقوله : (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) بعد بسبب علّة معلومة من مرض أو غيره ومثلهنّ يحضن ، فعدّتهنّ أيضا ثلاثة أشهر ، فحذف لدلالة المذكور عليه.
فعلى هذا يكون المراد بقوله : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) أي : حصل لهنّ صفة الآيسات ، وهو انقطاع الحيض ، إمّا مع الريبة أو مع القطع ، فعدّتهنّ ثلاثة أشهر. ولا يكون في الآية دليل على عدم العدّة على الآيسة والصغيرة ، ولا على وجودها.
نعم ، الحقّ أن لا عدّة عليهما ، لأنّ الحكمة في شرعيّتها العلم باستبراء الرحم ، وهو منتف فيهما.
__________________
(١) البقرة : ٢٢٨.