دلّ عليه الخبر المذكور. والتقدير : إن الذين آمنوا ... من آمن .. فلا خوف عليهم والصابئون كذلك ، أو : إن الذين آمنوا ... كذلك ، والصابئون من آمن منهم فلا خوف عليهم. وهذا الرأى هو الأرجح والأكثر شيوعا ، وهناك آراء أخرى محمولة عليه.
والثانى : أن (إنّ) بمعنى (نعم) ، فيكون الاسم الموصول (الذين هادوا) فى محلّ رفع بالابتداء ، ومعطوف عليه ما يأتى بعده.
والثالث : جواز العطف على اسم (إن) بالرفع مطلقا عند الكسائى على موضع (إنّ) مع اسمها ، ويؤول عليه ما يأتى من أمثلة تحمل هذه الظاهرة التركيبية ، حيث يجوز القول : إنك وزيد ذاهبان ، وإن زيدا وعمرو قائمان.
والرابع : جواز العطف على اسم (إن) بالرفع فيما لم يتبيّن فيه عمل (إن) عند الفراء ، كما هو فى هذه الآية الكريمة.
ومنهم من يذهب إلي أن (الصابئون) منصوب ، لكنه على لغة بنى الحارث وغيرهم الذين يجعلون المثنى بالألف مطلقا ، فيقاس عليه جمع المذكر السالم ، حيث يكون بالواو فى كلّ أحواله التركيبية.
أو أن الفتحة فى (الصابئون) علامة النصب ، والنون حرف الإعراب ، فحمل فتحة النصب.
وتقرأ عند أبى بن كعب وابن كثير : (والصابئين) بالياء ، وهذه القراءة لا إشكال فيها.
ـ ومثله فى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) [الأحزاب : ٥٦] قراءة العامة بنصب (ملائكة) عطفا على اسم (إن) ، وهذه لا إشكال فيها.
أما ابن عباس فقد قرأها بالرفع ، ورويت كذلك عن أبى عمرو ، وفيه وجهان :
أولهما : أن (ملائكة) مبتدأ ، خبره الجملة الفعلية (يصلّون) ، ولذلك فقد أسند الفعل إلى واو الجماعة ، أما خبر (إن) فمحذوف دلّ عليه خبر المبتدإ.