ولذلك فإن اسمها يتضمن معنى (من) الاستغراقية ، وقد ظهرت فى قول الشاعر :
فقام يذود الناس عنها بسيفه |
|
وقال ألا لا من سبيل إلى هند (١) |
فقد ظهرت (من) الاستغراقية قبل اسم (لا) النافية للجنس (من سبيل). ولهذا فإن النفى بها مؤكد ، وهى فى النفى فى مقابل (إن) فى الإثبات ، فكلاهما مؤكد فى جملته.
ويذكر أن اسم (لا) يجب بناؤه فى بعض مبانيه ؛ لأن الكلام تضمّن معنى (من) ، وكلّ ما تضمّن معنى الحرف فهو مبنى ، وذلك لأن جملة (لا) النافية للجنس جواب لما تضمن (من) ، وذلك أن يقول القائل : هل من رجل عندك؟
فتقول : لا من رجل عندى ، وهو الأصل ، فحذفوا (من) استخفافا ، فوجب البناء ، واختير الفتح لأجل التركيب ، كما فعلوا مع (خمسة عشر) (٢).
__________________
(١) ينظر : شرح التصريح ١ ـ ٢٣٩ / الصبان على الأشمونى ٢ ـ ٣ / أوضح المسالك ١ ـ ٢٨١ / تهذيب التوضيح ١ ـ ١٠٦ / الدرر ٢ ـ ٢٢١.
(قام) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. (يذود) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. وفاعله ضمير مستتر تقديره هو. والجملة الفعلية فى محل نصب ، حال من فاعل قام. ويجوز أن تجعل قام من أفعال المقاربة ، واسمه الضمير المستتر : هو. وخبره الجملة الفعلية يذود فى محل نصب. (الناس) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (عنها) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالذود. (بسيفه) الباء : حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب. سيف : اسم مجرور بعد الباء ، وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف وضمير الغائب مضاف إليه فى محل جر. وشبه الجملة متعلقة بالذود. (وقال) الواو : حرف عطف مبنى لا محل له من الإعراب : قال : فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو. (ألا) حرف استفتاح وتنبيه مبنى لا محل له من الإعراب. (لا) نافية للجنس حرف مبنى لا محل له من الإعراب. (من) حرف جر زائد يفيد الاستغراق ، مبنى لا محل له من الإعراب. (سبيل) اسم لا النافية للجنس مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. (إلى) حرف جر مبنى لا محل له من الإعراب ، (هند) اسم مجرور بعد إلى ، وعلامة جره الكسرة. وشبه الجملة فى محل رفع ، خبر لا النافية للجنس ، أو متعلقة بخبرها المحذوف.
ويجوز أن تكون صفة لاسم لا ، ويكون خبرها محذوفا ـ حينئذ.
(٢) شرح عيون الإعراب ١٢١.