ويذهب أكثر البصريين إلى المنع ؛ لأن الفعل فى الخبر الجملة الفعلية و (كان) يطلبان المعمول المتأخر فيلتبس التباس احتساب الجملة (قام زيد) فعلية أم اسمية ، وكذلك لأن الفعل الثانى أولى برفع الاسم الذى بعده من الفعل الأول.
ب ـ فإن كان معمول الخبر مرفوعا فإنه لا يجوز تقديم الخبر ، والمعمول متأخر عنه ، لما فيه من الفصل بين العامل ومعموله المرفوع الذى هو جزء منه.
وإن كان المعمول منصوبا جاز التقديم ؛ لأن المنصوب ليس بجزء من ناصبه ؛ لأنه فضلة.
فإن كان شبه جملة (ظرفا أو مجرورا) جاز بلا قبح إجماعا ؛ لأن العرب تتسع فى شبه الجملة ما لم تتسع فى غيرها (١) ، وجاز تقديمه حينئذ على الاسم كذلك.
ففى قوله تعالى : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ) [الأعراف : ١٣٧] ، نجد أن (كان) دخلت على الفعل (يصنع) دون فاصل ، وفى ذلك أقوال ، أوضحها (٢) :
أ ـ أن يكون (فرعون) اسم (كان) مؤخرا ، و (يصنع) فيه ضمير مستتر فاعل له ، وتكون الجملة الفعلية فى محلّ نصب ، خبر (كان) مقدم. وعلى ذلك فإن خبر (كان) الجملة الفعلية توسط بينها وبين اسمها ، والتقدير : ودمرنا الذى كان فرعون يصنعه. فيقدر الربط بين الخبر الجملة والاسم.
ب ـ أن يكون اسم (كان) ضميرا مستترا عائدا على (ما) الموصولة ، وتكون الجملة الفعلية (يصنع فرعون) فى محلّ نصب ، خبر (كان). والتقدير : ودمرنا الذى كان هو يصنعه فرعون.
ج ـ أن يكون اسم (كان) ضمير الأمر والشأن ، وهو مستتر ، والجملة الفعلية (يصنع فرعون) فى محل نصب ، خبر (كان) ، مفسرة لضمير الشأن.
__________________
(١) ينظر : المقرب ١ ـ ٩٦ / شرح ابن عقيل ١ ـ ١٠٢ شرح التصريح ١ ـ ١٨٩ / الهمع ١ ـ ١٨٨.
(٢) ينظر : مشكل إعراب القرآن : ١ ـ ٣٢٨ / التبيان فى إعراب القرآن : ١ ـ ٥٩١ / الدر المصون : ٣ ـ ٣٣٣.