الثالث والعشرون : أن تكون النكرة المتقدمة على المعرفة لها حق الصدارة فى الجملة :
ذلك كأسماء الاستفهام ، نحو قولك : ما اسمك؟ حيث (ما) اسم استفهام مبنى فى محلّ رفع ، مبتدأ عند نحاة ، وخبر مقدم عند آخرين. واسم الاستفهام نكرة تقدمت على المعرفة (اسمك) ، وله حقّ الصدارة حتى يفهم منه الاستفهام أو الاستخبار ، وتلمس فى النكرة وجوب التنكير ؛ لأنها تعبر عن مجهول.
ومنه ما ذكر من قولهم : اقصد رجلا خير منه أبوه ، حيث (خير) مبتدأ مرفوع عند نحاة (١) ، وهو نكرة تقدمت على المعرفة (أبوه).
الرابع والعشرون : أن تقع النكرة بعد (لو لا):
تربط (لو لا) بين جملتين ، ثانيتهما متراتبة على الأولى ، وما بعد (لو لا) يجب أن يكون جملة اسمية خبرها محذوف ؛ لأنه كون عامّ ، فإذا اختصّ ـ وهو نادر ـ فإنه يجب أن يذكر ، والمبتدأ بعد (لو لا) لا يحتاج إلى تعريف واجب ، أو تنكير واجب ، وذلك لأنه إنما يذكر ليبنى عليه معنى الجملة الثانية. ذلك نحو : لو لا إنسانية لعاش الإنسان فى غابة. حيث (إنسانية) اسم نكرة واقع بعد (لو لا) مبتدأ مرفوع ، خبره محذوف وجوبا.
ومثله أن تقول : لو لا عتاب لما كان للمرء صديق.
ومنه قول الشاعر :
لو لا اصطبار لأودى كلّ ذى مقة |
|
لمّا استقلّت مطاياهنّ للظّعن (٢) |
__________________
(١) ينظر : الجامع الصغير فى النحو ٤٣.
(٢) شرح ابن عقيل ١ ـ ١٩٤ / شفاء العليل ١ ـ ٢٨١ / الأشمونى ١ ـ ٣١٠ / شرح التصريح ١ ـ ١٧١ / الدرر ٢ ـ ٢٣. المقة : الحب.
(لو لا) حرف امتناع لوجود مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (اصطبار) مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، خبره محذوف وجوبا. (لأودى) اللام : حرف واقع فى جواب لو لا للتأكيد مبنى لا محل له من الإعراب. أودى : فعل جواب الشرط ماض مبنى على الفتح المقدر منع من ظهوره التعذر. (كل) فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، وهو مضاف ، و (ذى) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف ، و (مقة) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الكسرة. (لما) ظرف زمان بمعنى حين مبنى فى محل نصب متعلق بأودى. (استقلت) فعل ماض مبنى على الفتح ، والتاء حرف تأنيث