فكان هذا الكتاب ـ على تواضعه ـ حيث إنه لم يحقق كلّ ما أصبو إليه من تحليل للجملة العربية ، لذلك فإننى قد وضعت نصب عينىّ نقاطا منهجية ، حاولت أن أحققها فى كل موضوع من هذا المؤلف ـ قدر الإمكان والاستطاعة والتذكر ـ ولا أزعم أنها قد تحققت متكاملة فى كلّ موضوع ، فالنقصان من شيمة الإنسان.
ومن الأسس المنهجية البارزة فى تأليف هذا الكتاب ما يأتى :
١ ـ الحرص على إبراز العلاقة بين النحو والمعنى ، وذلك من خلال :
أ ـ الربط بين الجانب التركيبى والجانب الدلالى فى الجملة العربية ؛ ليبدو بوضوح أن النحو إنما هو لضبط صحة المعنى ، وأن التحليل النحوىّ لا يكون إلا من خلال فهم الأداء الدلالى ، كما أن الجانب الدلالىّ يوجه ويفهم من خلال تحليل الملفوظ. فكلّ منهما ممثل للآخر تمثيلا مطابقا.
ب ـ ذكر الأفكار التى يهملها كثير من كتب النحو ، ويكون لها علاقة بالأداء الدلالىّ للجملة ، أو لعنصر من عناصرها التركيبية.
ج ـ توضيح الفروق الدلالية بين عناصر الكلام التى تحمل علامة إعرابية واحدة ، أو يمكن أن تتداخل لفظيا ، أو تتلابس معنويا وإعرابيا ، وذلك من خلال الربط بين الأداء الدلالى والتوجه الإعرابى ، وعلاقة ذلك بعناصر الجملة السابقة واللاحقة ، والفصل بين الأوجه الدلالية المؤداة من المواقع الإعرابية المختلفة للعناصر ذات العلامة الإعرابية الواحدة.
د ـ يلحق بهذه الفكرة العنصر اللفظىّ الواحد فى الموقع الواحد من الجملة ؛ لكنه يحتمل أوجها إعرابية مختلفة ، والفصل بين هذه الأوجه من خلال تحليل الأداء الدلالى ، والربط بينه وبين ما يسبقه أو يلحق به من عناصر لفظية ترتبط به ، أو يرتبط بها فى هذه الأداءات الدلالية والأوجه الإعرابية.
ه ـ إيجاد العلاقات التركيبية الدلالية بين كثير من الموضوعات النحوية المترابطة ، سواء أكان بالاتفاق أم بالاشتراك أم بالاختلاف ، وبيان أن الجملة العربية فى عناصرها المكونة لها إنما هى قواعد مطردة ، لا تناقض فيها ، ما دامت مرتبطة فى تحليلها اللفظى بالجوانب الدلالية المتشابكة.