أما الكوفيون فإنهم يذهبون إلى أن العامل فيهما معنوى ، وهو مخالفتهما للمبتدإ (١).
ويختار ابن مالك أن يكون العامل اسم فاعل من الكون مطلقا ، ويرفض أن يكون العامل فعلا أو المبتدأ أو المخالفة (٢).
وخلاف النحاة السابق يؤدى إلى خلافهم فى تحديد الخبر : فيذهب ابن كيسان إلى أن الخبر هو العامل المحذوف ، أما تسمية الظرف أو الجارّ والمجرور بالخبر فإنه على سبيل المجاز.
ويفهم من كلام ابن مالك أن الخبر محذوف ، وذلك فى قوله : وما يعزى للظرف من خبرية وعمل فالأصحّ كونه لعامله ، وربما اجتمعا لفظا (٣).
أما الفارسى وابن جنى فقد ذهبا إلى أن الظرف حقيقة ، وعلى ما سبق فإن البصريين يقررون أن الخبر إذا كان ظرفا أو جارّا ومجرورا فإنه يتحمل ضمير المبتدإ كالمشتق ، سواء تقدم أم تأخر.
أما الفراء فقد ذهب إلى أنه لا ضمير فيه إلا إذا تأخر ، ويذهب إلى ذلك ابن خروف.
وعلينا أن نبدى عدة ملحوظات :
ـ إذا أمعنا النظر فى دلالات حروف الجرّ والظروف فإننا نجد أن كلّا منها يؤدى معنى مقصودا دونما تقدير محذوف ؛ لأن كلّا منها موضوع فى اللغة لأداء معنى يتحدد باستخدامه ذاته.
ـ هذا المعنى الكامن فى كلّ حرف أو ظرف يقيّد دلالة مقصودة فى غيره ، فحروف الجرّ والظروف إنما هى من طرق تقييد دلالة الكلمة فى اللغة العربية. ولا يفهم أىّ منها إلا من خلال ما قيدته.
__________________
(١) ينظر : شرح التصريح ١ ـ ١٦٦.
(٢) ينظر : التسهيل ٤٨.
(٣) التسهيل : ٤٨.