وإنما سرق في الليلة وهذا الاتساع أكثر في كلامهم من أن يحاط به وتقول : (سرت فرسخين يومين) إن شئت نصبت. انتصاب الظروف وإن شئت جعلت نصبهما بأنهما مفعولان على السعة وعلى ذلك قولك : (سير بزيد فرسخان يومين) إذا جعلت الفرسخين يقومان مقام الفاعل ولك أن تقول : سير بزيد فرسخين يومان فتقوم اليومين مقام الفاعل.
اعلم أن الإلغاء إنما هو أن تأتي الكلمة لا موضع لها من الإعراب إن كانت مما تعرب وإنها متى أسقطت من الكلام لم يختل لكلام وإنما يأتي ما يلغى من الكلام تأكيدا أو تبيينا والجمل التي تأتي مؤكدة ملغاة أيضا وقد عمل بعضها في بعض فلا موضع لها من الإعراب والتي تلغى تنقسم أربعة أقسام : اسم وفعل وحرف وجملة.
الأول : الاسم : وذلك نحو : (هو) إذا كان الكلام فصلا فإنه لا موضع له من الإعراب لو كان له موضع لوجب أن يكون له خبر إن كان مبتدأ أو يكون له مبتدأ إن كان هو خبرا وقيل في قوله : (ولباس التقوى ذلك خير) (ذلك) زائدة.
الثاني : الفعل : ولا يجوز عندنا أن يلغى فعل ينفذ منك إلى غيرك ولكن الملغى نحو : (كان) في قولك : (ما كان أحسن زيدا) الكلام ما أحسن زيدا و (كان) إنما جيء بها لتبيّن أنّ ذلك كان فيما مضى.
الثالث : الحرف : وذلك نحو : ما في قوله عز وجل : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [النساء : ١٥٥] لو كان (لما) موضع من الإعراب ما عملت الباء في (نقضهم) وإنما جيء بها زائدة للتأكيد ومن ذلك (إن) الخفيفة تدخل مع (ما) للنفي في نحو قوله : وما إن طبنا جبن وكذلك (إن) في قولك : (لما إن جاء قمت إليه) المعنى : (لما جاء قمت) وكذلك (ما) إذا كانت كافة فلا موضع لها من الإعراب في نحو قولك : (إنّما زيد منطلق) كفت (ما) (إن) عن