يستعملن بمعنى (الذي) فيوصلن كما توصل ولكن لا يجوز أن (يوصف بهن) كما وصف (بالذي) لأنها أسماء لمعان تلزمها ولهن تصرف غير تصرف (الذي) لأنهن يكنّ استفهاما وجزاء وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم والألف واللام تستعمل في موضع (الذي) في الوصف ولكنها لا تدخل إلا على اسم فلما كان ذلك من شأنها وأرادوا أن يصلوها بالفعل نقلوا الفعل إلى اسم الفاعل والفعل يريدون فيقولون في موضع (الذي قام) القائم فالألف واللام قد صار اسما وزال المعنى الذي كان له واسم الفاعل هاهنا فعل وذاك يراد به ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول : (هذا ضارب زيدا أمس) حتى تضيف ويجوز أن تقول : (هذا الضارب زيدا أمس) لأنك تنوي (بالضارب) الذي ضرب ومتى لم تنو بالألف واللام (الذي) لم يجز أن تعمل ما دخلت عليه وصار بمنزلة سائر الأسماء إلا أن الفاعل هنا إعرابه إعراب (الذي) بغير صلة ؛ لأنه لا يمكن فيه غير ذلك وكان الأخفش يقول : (إنّ زيدا) في قولك : (الضارب زيدا أمس) منصوب انتصاب : الحسن وجها وأنه إنما نصب ؛ لأنه جاء بعد تمام الاسم.
وقال أبو بكر : ليس عندي كما قال ؛ لأن الأسماء التي تنتصب عن تمام الاسم إنما يكنّ نكرات والحسن وما أشبهه قد قال سيبويه : إنه مشبه باسم الفاعل وقد ذكرنا ذا فيما تقدم.
ذكر ما يوصل به الذي :
اعلم أنّ (الذي) لا تتم صلتها إلا بكلام تام وهي توصل بأربعة أشياء : بالفعل والمبتدأ والظرف والجزاء بشرطه وجوابه ولا بد من أن يكون في صلته ما يرجع إليه ، فإن لم يكن كذلك فليس بصلة له والفعل الذي يوصل به (الذي) ينقسم انقسامه أربعة أقسام قبل أن يكون صلة : فعل غير متعد وفعل متعد لى مفعول واحد وفعل متعد إلى مفعولين وفعل متعد إلى ثلاثة مفاعيل وفعل غير حقيقي نحو (كان) و (ليس) فهذه الأفعال كلها يوصل بها (الذي) مع جميع ما عملت فيه ، وذلك قولك : الذي قام والذي ضرب زيدا والذي ظنّ زيدا منطلقا والذي أعطى زيدا درهما والذي أعلم زيدا عمرا أبا فلان (والذي كان قائما والذي ليس منطلقا) ففي هذه كلها ضمير (الذي) وهو يرجع إليه وهو في المعنى فاعل فاستتر في الفعل ضمير الفاعل ؛ لأنه قد جرى على من هو له ، فإن كان الفعل لغيره لم يستتر الضمير وقلت :