الشمس وسرت حتى تطلع الشمس والضرب الآخر أن يكون الدخول علة للسير فتكون بمعنى (كي) كأنه قال : (سرت كي أدخلها) فهذا الوجه يكون السير فيه كان والدخول لم يكن كما تقول : أسلمت حتى أدخل الجنة وكلمته كي يأمر لي بشيء (فحتىّ) متى كانت من هذين القسمين اللذين أحدهما يكون غاية الفعل وهي متعلقة به وهي من الجملة التي قبلها فهي ناصبة ، وإن جاءت بمعنى العطف فقد تقع ما بعدها جملة وارتفاع الفعل بعدها على وجهين :
على أن يكون الفعل الذي بعدها متصلا بالفعل الذي قبلها أو يكون منقطعا منه ولا بدّ في الجميع من أن يكون الفعل الثاني يؤديه الفعل الأول فأما الوجه الأول فنحو قولك : سرت حتى أدخلها ذكرت أن الدخول اتصل بالسير بلا مهلة بينهما كمعنى الفاء إذا عطفت بها فقلت : سرت فأنا أدخلها.
وصلت الدخول بالسير كما قال الشاعر :
ترادى على دمن الحياض ، فإن تعف |
|
فإنّ المندّى رحلة فركوب |
وينشد تراد لم يجعل بين الرحلة والركوب مهلة ولم يرد أنّ رحلته فيما مضى وركوبه الآن ولكنه وصل الثاني بالأول ومعنى قولي : إنّك إذا رفعت ما بعد حتى فلا بدّ من أن يكون الفعل الذي قبلها هو الذي أدى الفعل الذي بعدها أن السير به كان الدخول إذا قلت : سرت حتى أدخلها ، ولو لم يسر لم يدخلها.
ولو قلت : سرت حتى يدخل زيد فرفعت (يدخل) لم تجر ؛ لأن سيرك لا يؤدي زيدا إلى الدخول ، فإن نصبت وجعلتها غاية جاز فقلت : سرت حتى يدخل زيد تريد إلى أن يدخل زيد وكذلك : سرت حتى تطلع الشمس ولا يجوز أن ترفع (تطلع) ؛ لأن سيرك ليس بسبب لطلوع الشمس وجاز النصب ؛ لأن طلوع الشمس قد يكون غاية لسيرك.
وأما الوجه الثاني من الرفع : فأن يكون الفعل الذي بعد (حتّى) حاضرا ولا يراد به اتصاله بما قبله ويجوز أن يكون ما قبله منقطعا ومن ذلك قولك : لقد سرت حتى أدخلها وما أمنع حتى أني أدخلها الآن أدخلها كيف شئت ومثل قول الرجل : لقد رأى مني عاما أول شيئا حتى لا أستطيع أن أكلمه العام بشيء.