أجل الفعل ولذلك لم يجز أن تدخل الفاء في كل حال وبأن لو قلت : (الذي إن قمت قام فله درهم) لم يجز ؛ لأن معنى لجزاء قد تمّ في الصلة ولكن لو قلت : (الذي إن قمت قام فله درهم إن أعطاني أعطيته) جاز ؛ لأنه بمنزلة قولك : (زيدق إن أعطاني أعطيته) وكذلك إذا قلت : (الذي إن أتاني فله درهم له دينار) لا يجوز أن تدخل الفاء على (له دينار) فالفاء إذا دخلت في خبر (الذي) أشبه الجزاء من أجل أنه يقع الثاني بالأول ألا ترى أنك إذا قلت : الذي يأتيني له درهم قد يجوز أن يكون له درهم لا من أجل إتيانه ويجوز أن يكون له درهم من أجل إتيانه فإذا قلت : الذي يأتيني فله درهم دلت الفاء على أنّ الدرهم إنما يجب له من أجل الإتيان إلا أن الفرق بين الذي وبين الجزاء الخالص أنّ الفعل الذي في صلة (الذي) يجوز أن يكون ماضيا وحاضرا ومستقبلا والجزاء لا يكون إلا مستقبلا ، وإذا جاءت الفاء فحق الصلة أن تكون على اللفظ الذي يحسن في الجزاء في اللفظ ، وإن اختلف المعنى.
فمن أجل هذا يقبح أن تقول : (الذي ما يأتني فله درهم) ؛ لأنه لا يجوز أن تقول : (إن ما أتاني زيد فله درهم و (لا) كلّ رجل ما أتاني فله درهم) إذا أردت هذا المعنى قلت : (الذي لم يأتني فله درهم وكلّ رجل لم يأتني فله درهم) والقياس يوجب إجازته للفرق الذي بين (الذي وبين الجزاء) ؛ لأنه إذا جاز أن يلي الذي من الأفعال ما لا يلي (إن) وكان المعنى مفهوما غير مستحيل فلا مانع يمنع من إجازته وإنما أجزنا دخول الفاء في هذا ؛ لأن الذي ما فعل قد يجب له شيء بتركه الفعل إذا كان ممن يقدر منه ذلك الفعل وإنما لم يجز (ما) مع (إن) في الجزاء ؛ لأن (ما) لا تكون إلا صدرا والجزاء لا يكون إلا صدرا فلم يجز ؛ لأن (إن) تعمل فيما بعد (ما) فلما أرادوا النفي أتوا (بلم) وبنوها مع الفعل حتى صارت كأنها جزء منه أو (بلا) فقالوا (إن لم تقم قمت ، وإن لم تقم لا أقم).
واعلم أن كل اسم لا يجوز أن تضمره وترفعه من الكلام وتكني عنه فلا يجوز أن يكون خبرا في هذا الباب من أجل أنك متى انتزعته من الكلام وهو اسم ظاهر أو مضمر فلا بد من أن تضمر في موضعه كما خبرتك.