الذي تقع فيه الهاء لا يجوز أن تقع (إيّاه) ذلك الموقع فأجازتهم إيّاه (في) كان وأخواته دليل على أن علامات الإضمار لا تستحكم هاهنا قال الشاعر :
ليت هذا اللّيل شهرا |
|
لا تريا فيه عريبا |
ليس إيّاي وإيّاك |
|
ولا نخشى رقيبا (١) |
__________________
(١) الفصل ، هو المختار في خبر ان وأخواتها كما قال ليس إياي ، ولو وصل لقال ليسني.
قال سيبويه : ومثل ذلك كان إياه ، لأن كانه قليلة ، لا تقول : كانني وليسني ، ولا كانك ؛ فصارت غيا هاهنا بمنزلتها في ضربي إياك.
قال الشاعر :
ليت هذا الليل شهر الخ
وبلغني عن العرب الموثوق بهم أنهم يقولون : ليسني ، وكذلك كانني.
قال الأعلم : الشاهد في إتيانه بالضمير بعد ليس منفصلا ، ولوقوعه موقع خبرها والخبر منفصل من المخبر عنه ، فكان الاختيار فصل الضمير إذا وقع موقعه. واتصاله بليس جائز ، لأنها فعل وإن لم تقو قوة الفعل الصحيح.
وليس في هذا البيت تحتمل تقديرين : أحدهما أن تكون في موضع الوصف للاسم قبلها ، كأنه قال : لا نرى فيه عربيا غيري وغيرك.
والتقدير الآخر : أن تكون استثناء بمنزله غلا. وعريب بمعنى أحد ، وهو بمعنى معرب ، أي : لا نرى فيه متكلما يخبر عنا ويعرب عن حالنا.
وقوله : ليت هذا الليل شهر قال أبو القاسم سعيد الفارقي فيما كتبه في تفسير المسائل المشكلة في أول المقتضب للمبرد : وقد روي في شهر الرفع والنصب جميعا ؛ وهو عندي أشبه بمعنى البيت. وكلاهما حسن.
وقد قضينا هذا في كتابنا تفسير أبيات كتاب سيبويه. ولم يظهر لي وجه النصب.
ونرى من رؤية العين. وعريب من الألفاظ الملازمة للنفي ، واسم ليس ضمير مستتر راجع إلى عريب ، وإياي خبرها بتقدير مضاف ، أي : ليس عريب غيري وغيرك ، فحذف غير ، وانفصل الضمير وقام مقامه في النصب. تمنى أن تطول ليلته بمقدار شهر.
وجملة لا نرى فيه خبر ثان لليت. وجملة لا نخشى رقيبا معطوف عليه ، والرابط محذوف ، أي : فيه. ويجوز أن يكون جملة لا نرى صفة لشهر.