فما كان من الظروف قد يستعمل اسما فالإخبار عنه جائز وما كان منها لا يجوز إلا ظرفا لم يجز الإخبار عنه تقول : (ذهبت اليوم) فإذا قيل لك : أخبر عن اليوم (بالذي) قلت : الذي ذهبت فيه اليوم ولم يجز حذف (فيه) كما كان يجوز حذف الهاء ؛ لأن الضمير قد انفصل بحرف الجر وكذلك إذا قلت : (قمت اليوم يا هذا) فجعلت اليوم مبتدأ قلت : (اليوم قمت فيه) ؛ لأنه قد صار اسما والمضمر لا يكون ظرفا وكل ما دخل عليه حرف الجر فهو اسم وإنما الظرف هو الذي قد حذف حرف الجر منه ، وذلك المعنى يراد به ، فإن ثنيت قلت : اللذان ذهبت فيهما اليومان.
فإن قلت ذلك بالألف واللام قلت : (الذاهب فيه أنا اليوم) والذاهب فيهما أنا اليومان فالألف واللام قد قام مقام (الذي) وأفردت (ذاهبا) ولم تثنيه ؛ لأن فاعله غير مضمر فيه وهو مذكور بعده ، وإن جمعت قلت الذاهب فيهن أنا الأيام وكذلك الإخبار عن المكان إذا قلت : (جلست مكانك) فإذا أردت الإخبار عن (مكانك) قلت : (الذي جلست فيه مكانك) واللذان جلست فيهما مكاناك وبالألف واللام : (الجالس فيه أنا مكانك) والجالس فيهما أنا مكاناك ، فإن جعلت الزمان والمكان في هذه المسائل مفعولين على السعة أسقطت حرف الجر فصار حكمه حكم المفعول الذي تقدم ذكره فقلت : في (ذهبت اليوم) إذا أردت أن تخبر عن اليوم بالذي قلت : (الذي ذهبت اليوم) كما تخبر عن زيد في قولك : (ضربت زيدا) تريد : الذي ذهبته اليوم ، وإن شئت أظهرت الهاء وهو الأصل وإثباتها عندي في هذا أولى منه في ضربت : لأن هنا حرف الجر محذوف الهاء معه إخلال بالكلام وتقوله بالألف واللام : الجالسه أنا مكانك وتقول : (سرت بزيد فرسخين يومين) فالفرسخان ظرف من المكان واليومان ظرف من الزمان ، فإن أخبرت عن اليومين (بالذي) قلت : اللذان سرت بزيد فرسخين فيهما يومان وبالألف واللام السائر أنا بزيد فرسخين (فيهما يومان) ، وإن أخبرت عنهما على السعة قلت : السائرهما أنا بزيد فرسخين يومان وبالذي : اللذان سرت بزيد فرسخين يومان ، وإن شئت قلت : سرتهما وهو أحبها إليّ كي لا يكثر ما يحذف ، فإن بنيت الفعل للمفعول فقلت : (سير بزيد فرسخان يومين) فأنت بالخيار إن شئت نصبت الفرسخين ورفعت اليومين ، وإن شئت