قلت : (الذي قام هو والذي قام أنت والذي قام أنا) لأنك لو قلت : (الذي قمت أنا والذي قمت أنت) لم يكن في صلة (الذي) شيء يرجع إليه وزعموا أنه سمع من العرب وهو في أشعارهم : أنا الذي قمت وأنت الذي قمت إذا بدأت بالمخاطب قبل (الذي) أو بدأ المتكلم (بأنا) قبل (الذي) فحملت (الذي) في هذا الباب على المعنى والجيد : أنا الذي قام والآخر جائز فإذا قلت : (ضربتني) فأخبرت عن المفعول قلت : (الذي ضربته أنا) ، فإن قلت : (ضربتك) فأخبرت عن الفاعل قلت : الذي ضربك أنا) ولا يجوز : (الذي ضربتك أنت) ولا (الذي ضربتني أنا) إذا أخبرت عن (التاء) ، فإن قدمت (نفسك) قبل (الذي) قلت : (أنا الذي ضربتك وأنا الذي ضربتني).
قال المازني : ولو لا أن هذا حكي عن العرب الموثوق بعربيتهم لرددناه لفساده ، وإذا قلت : ضربتك فخبرت عن المفعول بالذي قلت : (الذي ضربت أنت) إن شئت حذفت الهاء من (ضربت) ، وإن شئت أثبتها وكذلك إذا قلت : مررت بك فأخبرت عن (الكاف) بالذي قلت :(الذي مررت به أنت) ، فإن قلت : ضربتني أو مررت بي فأخبرت عن نفسك قلت : (الذي مررت به أنا والذي ضربته أنا) فالمجرور والمنصوب والمرفوع من المضمر على هذا فإذا قلت :هذا غلامك فأخبرت عن (الكاف) قلت : الذي هذا غلامه أنت ، وإذا قلت : هذا غلامي فأخبرت عن الياء قلت : (الذي هذا غلامه أنا) ، وإذا قلت : (هذا غلامه) قلت : (الذي هذا غلامه هو) ؛ لأن (أنا) للمتكلم وأنت للمخاطب وهو للغائب.
وقال المازني في هذا الباب : إنه جائز عند جميع النحويين.
ثم قال : وهو عندي رديء في القياس ولو لا اجتماع النحويين على إجازته ما أجزته :قال أبو بكر : والذي جعله عنده رديئا في القياس أنك تخرج المضمر الذي هو أعرف المعارف إلى الظاهر ؛ لأن (الذي) ، وإن كان مبهما فهو كالظاهر ؛ لأنه يصحّ بصلته.