الفعل الثاني توكيدا فيجوز على هذا وهو أيضا قبيح وكذلك لو قلت : الذي ضربته وقمت أو ثم قمت أو قلت زيد لم يجز إلا على ما ذكرت لك وهو قبيح ألا ترى أنّك لو قلت : (مررت برجل قائم أبوه وأنا) جاز ولو قلت : (مرّ زيد برجل وذاهب أنا) لم يجز إلا على ما ذكرت لك من الضمير فتقول : وذاهب أنا من أجله ولو قلت : (الذي ضربته فبكى زيد أخوك) جاز ؛ لأن بكاء زيد كان لضربك إياه ولو قلت : (الضاربه أنا والباكي زيد أخوك) لم يجز لأنك إذا أدخلت الألف واللام لم تجعل الأول علة للآخر وإنما يكون ذلك في الفعل ولو قلت : الذي ضربته وقمت زيد كان جيدا ؛ لأن الفعلين جميعا من صلة (الذي).
وقال الأخفش : لو قلت : الضاربه أنا وقمت زيد كان جائزا على المعنى ؛ لأن معنى الضاربه أنا الذي ضربته ، وفي كتاب الله عز وجل : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا. اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ)(١) [الحديد : ١٨] ولو قلت : الضاربة أنا والقائم أنا زيد لم يجز ؛ لأن كل واحد منهما اسم على حياله والقائم أنا ليس فيه ذكر زيد ولو قلت : (الضارب زيدا فمبكيه أنت) كان جائزا على أن يكون الضرب علة للبكاء لأنك لو قلت : (الضارب زيدا فبكى أنا) كان جيدا ولو قلت : (الضارب زيدا فالباكي هو أنا) لم يحسن.
وقال الأخفش : إلا على وجه بعيد كأنه ليس فيه ألف ولام كما قالت العرب : هم فيها الجماء الغفير يريدون : هم فيها جما غفيرا وأرسلها العراك يريد : أرسلها عراكا وقال : قالت العرب : (هم الخمسة العشر) يريدون : (هم الخمسة عشر).
الرابع عشر : الإخبار عن المضمر :
إذا قلت : (قمت) فأخبرت عن (التاء) قلت : (القائم أنا) ، فإن قلت (قمت) فأخبرت عن (التاء) قلت : (القائم أنت) ، فإن كان الضمير غائبا قلت : (القائم هو) ، وإن أخبرت (بالذي)
__________________
(١) قرأ ابن كثير ، وعاصم في رواية أبي بكر مخففة الصّاد.
وقرأ الباقون مشدّدا في الحرفين جميعا أرادوا : المتصدّقين فأدغموا التّاء في الصّاد فالتّشديد من جلل ذلك ، وليس في تشديد الدّال اختلاف ؛ لأنّه على وزن تفعّل تصدّق مثل تكبّر ، وتجبّر ، ومن خفّف حذف التّاء اختصارا. [إعراب القراءات السبع وعللها : ٢ / ٣٥١].