قال المازني : وهو عندي جائز على المعنى كما تقول : (اللذان قام وقعد أخواك) فتجعل الضمير الذي في (قام وقعد) يرجع إلى (اللذين) على معناهما لا على لفظهما.
ومما جاء في الشعر في صلة الذي محمولا على معناه لا على لفظه :
وأنا الّذي قتّلت بكرا بالقنا |
|
وتركت تغلب غير ذات سنام |
ولو حمله على لفظه لقال : (قتل) قال : وليس كل كلام يحتمل أن يحمل على المعنى لو قلت : أخواك قام وأنت تريد : قام أحدهما لم يكن كلاما لأنك ابتدأت الأخوين ولم تجيء في خبرهما بما يرجع إليهما فلذلك لم يجز هذا ولو قلت : أخواك قام وقعد فحملت (قام وقعد) على معنى الأخوين كان هذا أقوى ؛ لأن الكلام كلما طال جاز فيه ما لا يجوز فيه إذا لم يطل ولو قلت : (اللذان قام أخواك) تريد : (اللذان قام أحدهما أخواك) لم يجز وقد يضطر الشاعر فيجيء بالشي على المعنى فيكون ذلك جائز كما جاز له صرف ما لا ينصرف ووضع الكلام في غير موضعه ولا يجوز ذلك في غير الشعر فكلّ ما شنع في السمع أجازته ولم يستعمل لا تجزه.
وقال الأخفش : لو أنّ رجلا أجاز : مررت بالذي ذهبت جاريتاه والذي أقامتا على القياس يعني في هذا الباب وعلى أنه يجوز في العطف ما لا يجوز في الإفراد كان قياسا على قبحه وعلى أنه ليس من كلام العرب ومن لم يجز هذا لم يجز : (مررت بالحسنة جاريتاه لا القبيحتين) إذا أراد معنى (الذي) ويجوز هذا على أن لا يجريه مجرى (الذي) ولكن يدخل الألف واللام للمعرفة ، وإذا قلت : (ضربت زيدا فعمرا) فأردت الإخبار عن (زيد) قلت : (الذي ضربته فعمرا زيد) ، فإن أخبرت عن (عمرو) قلت : (الذي ضربت زيدا فإياه عمرو) ولا يجوز أن تجعل ضميره متصلا وتقدمه كما فعلت في الواو ؛ لأن معنى الفاء خلاف ذلك وثمّ كالفاء وكذلك (لا) إذا كانت عاطفة فإذا قلت : (ضربت زيدا ثمّ شتمت عمرا) لم يجز أن تخبر عن زيد بالألف واللام ؛ لأنه يلزمك أن تقول : (الضاربه أنا ثمّ الشاتم أنا عمرا زيد) فلا يكون لقولك : (الشاتم أنا عمرا) اتصال بما في الصلة إلا أن تريد له أو من أجله كما بينا في مسائل تقدمت لو قلت : الذي ضربته وضربت عمرا زيد أو ثمّ ضربت عمرا أو فضربت عمرا لم يجز ذلك كله إلا على هذا الضمير أو تكون تريد : (ضربته وزيدا) فتقول : ضربته وضربت زيدا ترد