(الذي) هاهنا كان حسنا وزعموا أن من العرب من يقول : (اضرب أيهم أفضل) على القياس وقد قرأ بعض أهل الكوفة : (ثم لننزعنّ من كل شيعة أيّهم أشّد) وإنما حذف المبتدأ من صلة (أي) مضافة لكثرة استعمالهم إياها فإذا كانت مفردة لزمها الإعراب فقلت : (اضرب أيا أفضل) ولا تثني هاهنا ، وإن كانت (الذي) تقبح هاهنا من قبل أنهم إنما بنوها مضافة وتركوها مفردة على القياس.
قال أبو بكر : هذا مذهب أصحابنا وأنا أستبعد بناء (أي) مضافة وكانت مفردة أحق بالبناء ولا أحسب الذين رفعوا أرادوا إلا الحكاية كأنه إذا قال : (اضرب أيهم أفضل) فكأنه قال : اضرب رجلا إذا قيل : (أيهم أفضل) قيل : هو.
والمحذوفات في كلامهم كثيرة والإختصار في كلام الفصحاء كثير موجود إذا آنسوا بعلم المخاطب ما يعنون وهذا الذي اختاره مذهب الخليل.
قال سيبويه : زعم الخليل : أن (أيهم) إنما وقع في قولهم اضرب أيهم على أنه حكاية كأنه قال : (اضرب الذي يقال له أيّهم أفضل).
وشبهه بقول الأخطل :
ولقد أبيت من الفتاة بمنزل |
|
فأبيت لا حرج ولا محروم (١) |
__________________
(١) على أن لا حرج عند الخليل مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، والجملة محكية بقول محذوف ، أي : أبيت مقولا في : هو لا حرج ولا محروم. وهذا من حكاية الجمل بتقدير المبتدأ ، ولا يصح أن يكون من حكاية المفرد ، لأن حكاية إعرابه إنما تكون إذا أريد لفظه ، نحو : قال فلان : زيد ، إذا تكلم بزيد مرفوعا ، وفي غير هذا يجب نصبه ، إلا أن يكون بتقدير شيء ، فنجب حكاية إعرابه كما هنا. وهذا نص سيبويه في المسألة : وزعم الخليل أن أيهم إنما وقع في قولهم : اضرب أيهم أفضل على أنه حكاية ، كأنه قال : اضرب الذي يقال له : أيهم أفضل. وشبه بقول الأخطل :
ولقد أبيت من الفتاة بمنزل ... البيت
قال الأعلم : الشاهد في رفع حرج ومحروم ، وكان وجه الكلام نصبهما على الحال. ووجه رفعهما عند الخليل الحمل على الحكاية ، والمعنى : فأبيت كالذي يقال له لا حرج ولا محروم. ولا يجوز : رفعه حملا على مبتدأ مضمر ، كما لا يجوز : كان زيد لا قائم ولا قاعد ، على تقدير : لا هو قائم ، ولا هو قاعد لأنه ليس موضع