هنا ، فإن قلت : اللذان اختصما كلاهما أخوان لم يجز على تأويل وجاز على تأويل آخر إن أردت بقولك : (أخوان) أن كل واحد منهما أخ لصاحبه لم يجز ؛ لأن (كلاهما) لا معنى لها هاهنا وصار مثل (اختصما) الذي لا يكون إلا من اثنين ؛ لأن الأخوين كل واحد منهما أخ لصاحبه مثل المتخاصمين والمتجالسين ، فإن أردت بأخوين أنهما أخوان لا نسيبان جاز ؛ لأنه قد يجوز أن يكون أحدهما أخا لزيد ولا يكون الآخر أخا لزيد فإذا كان أحدهما أخا لصاحبه فلا بدّ من أن يكون الآخر أخا له فلا معنى (لكلا) هاهنا وتقول : (الذي يطير الذباب فيغضب زيد) فالراجع إلى (الذي) ضميره في (يغضب) والمعنى الذي إذا طار الذباب غضب زيد ولا يجوز الذي يطير الذباب فالذي يغضب زيد ؛ لأن الذي الأولى ليس في صلتها ما يرجع إليها وقوم يجيزون الطائر الذباب (فالغاضب زيد) ؛ لأن الألف والام الثانية ملغاة عندهم فكأنهم قالوا :(الطائر الذباب) فغاضب زيد وهذا لا يجوز عندنا على ما قدمنا في الأصول أعني إلغاء الألف واللام.
واعلم أن من قال : (من يقوم ويقعدون قومك ومن يقعدون ويقومون أخوتك) فيرد مرة إلى اللفظ ومرة إلى المعنى فإنه لا يجيز أن تقول : (من قاعدون وقائم إخوتك) فيرد (قائما) إلى لفظ (من) لأنك إذا جئت بالمعنى لم يحسن أن ترجع إلى اللفظ وتقول : (من كان قائما إخوتك ومن كان يقوم إخوتك) ترد ما في كان على لفظ (من) وتوحد فإذا وحدت اسم كان لم يجز أن يكون خبرها إلا واحدا فإذا قلت من كانوا قلت قياما ويقومون ولا يجوز (من كان يقومون إخوتك وقوم يقولون إذا قلت : (أعجبني ما تفعل) فجعلتها مصدرا فإنه لا عائد لها مثل (أن) فكما أنّ (أن) لا عائد لها فكذلك ما وقالوا : إذا قلت : (عبد الله أحسن ما يكون قائما) فجاءوا (بما) مع (يكون) ؛ لأن (ما) مجهول و (يكون) مجهول فاختاروا (ما) مع يكون : أردت : (عبد الله أحسن شيء يكون) فما في (يكون) (لما) فإذا قلت : (عبد الله أحسن من يكون) فأردت أحسن من خلق جاز ولا فعل (ليكون) يعنون لا خبر لها وقالوا إذا قلت : (عبد الله أحسن ما يكون قائما) إذا أردت أن تنصب (قائما) على الحال أي : أحسن الأشياء في حال قيامه قالوا :ولك أن ترفع عبد الله بما في (يكون) وترفع أحسن بالحال وتثنى وتجمع فتقول : (الزيدان