يا دار عبلة بالجواء تكلّم (١) ...
يريد : تكلمي.
فأما (الهاء) فلا تحذف من قولك : شتّى طرائقه وما أشبهه ؛ لأن الهاء ليست من حروف المد واللين قال : وأنشدنا الخليل :
خليليّ طيرا بالتّفرّق أوقعا ...
فلم يحذف الألف كما لم يحذفها من (يقضي) فإنما جاء الحذف في الياء والواو إذا كانا ضميرين فقط ولم يجيء في الألف ولم يجز لما نقدم ذكره.
واعلم أن الساكن والمجزوم يقعان في القوافي فإذا وقع واحد منهما في القافية حرك وجعلوا الساكن والمجزوم لا يكونان إلا في القوافي المجرورة حيث احتاجوا إلى حركتها ولا يقع ذلك في غير المجرور كما أنهم إذا اضطروا إلى تحريكها لالتقاء الساكنين كسروا ، قال امرؤ القيس :
أغرّك منّي أنّ حبّك قاتلي |
|
وأنّك مهما تأمري القلب يفعل |
وقال طرفة :
متى تأتني أصبحك كأسا رويّة (٢) فإن كنت عنها غانيا فاغن وازدد
__________________
(١) يبنى المضارع على حذف النون إذا اتصل بآخره ألف الاثنين ؛ مثل : اخرجا ، أو واو الجماعة ، مثل : اخرجوا ، أو ياء مخاطبة ؛ مثل : اخرجى. فكل واحد من هذه الثلاثة فعل أمر ، مبنى على حذف النون ، والضمير فاعل (وهو ألف الاثنين ، أو واو الجماعة ، أو ياء المخاطبة). ومن الأمثلة قوله تعالى لموسى وفرعون : (اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى ،) وقوله : (فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ) وغدا ـ وقول الشاعر :
يا دار عبلة بالجواء تكلمى .... |
|
وعمى صباحا ـ دار عبلة ـ واسلمى |
(٢) هو من معلقة طرفة بن العبد. وقبله : الطويل
ولست بحلال التلاع مخافة |
|
ولكن متى يسترفد القوم أرفد |
فإن تبغني في حلقة القوم تلقني |
|
وإن تقتنصني في الحوانيت تصطد |
متى تأتني أصبحك كأسا روية |
|
وإن كنت عنها ذا غنى فاغن وازدد |
انظر خزانة الأدب ٣ / ٤١٢.