محمّد تفد نفسك كلّ نفس |
|
إذا ما خفت من شيء تبالا |
قال أبو العباس : ولا أرى ذا على ما قالوا : لأن عوامل الأفعال لا تضمر وأضعفها الجازمة ؛ لأن الجزم في الأفعال نظير الخفض في الأسماء ولكن بيت متمم يحمل على المعنى ؛ لأنه إذا قال : فاخمشي فهو في موضع فلتخمشي فعطف الثاني على المعنى.
وأما هذا البيت الأخير فليس بمعروف على أنه في كتاب سيبويه على ما ذكرت لك وتقول : ليقم زيد ويقعد خالد وينطلق عبد الله لأنك عطفت على اللام.
ولو قلت : قم ويقعد زيد لم يجز الجزم في الكلام.
ولكن لو اضطر إليه الشاعر فحمله على موضع الأول ؛ لأنه مما كان حقه اللام جاز وتقول : لا يقم زيد ولا يقعد عبد الله لأنك عطفت نهيا على نهي ، فإن شئت قلت : لا يقم زيد ويقعد عبد الله وهو بإعادتك (لا) أوضح لأنك إذا قلت : لا يقم زيد ولا يقعد عبد الله تبين أنك قد نهيت كل واحد منهما على حياله فإذا قلت : لا يقم زيد ويقعد عبد الله بغير (لا) ففيه أوجه : قد يجوز أن يقع عند السامع أنك أردت لا يجتمع هذان ، فإن قعد عبد الله ولم يقم زيد لم يكن المأمور مخالفا وكذلك إن لم يقم زيد وقعد عبد الله.
ووجه الاجتماع إذا قصدته أن تقول : لا يقم زيد ويقصد عبد الله ، أي : لا يجتمع قيام عبد الله وأن يقعد زيد (فلا) المؤكدة تدخل في النفي لمعنى تقول : ما جاءني زيد ولا عمرو إذا أردت أنه لم يأتك واحد منهما على الإنفراد ولا مع صاحبه لأنك لو قلت : لم يأتني زيد وعمرو وقد أتاك أحدهما لم تكن كاذبا (فلا) في قولك : لا يقم زيد ولا يقعد عمرو يجوز أن تكون التي للنهي وتكون المؤكدة التي تقع لما ذكرت لك في كل نفي.
واعلم أن الطلب من النهي بمنزلته من الأمر يجري على لفظه وتقول ائتني أكرمك وأين بيتك أزرك وهل تأتيني أعطك وأحسن إليك ؛ لأن المعنى : فإنّك إن تفعل أفعل فأما قول الله عز وجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) ثم قال :