في اللفظ فمرفوعة بيكن ؛ لأن المعنى لم يكن إتيان فيكون حديث فقوله مرفوعة يدل على أن الفاء عاطفة عطفت اسما على اسم والكلام جملة واحدة ومن شأن العرب إذا أزالوا الكلام عن أصله إلى شيء آخر غيروا لفظه وحذفوا منه شيئا وألزموه موضعا واحدا إذا لم يأتوا بحرف يدلّ على ذلك المعنى ولم يصرفوه وجعلوه كالمثل ليكون ذلك دليلا لهم على أنهم خالفوا به أصل الكلام فقد دل ما قال سيبويه : على أن النفي والنهي إنما وقعا على المصدرين اللذين دل عليهما الفعلان ويقوى أن الفاء للعطف إذا نصبت ما بعدها الواو إن قصتها في النصب وهما للعطف ، فإن قال قائل : فلم جاءوا بالفعل بعد الفاء وهم يريدون الاسم قيل : لأن الظاهر الذي عطف عليه فعل.
فكان الأحسن أن يعطف فعل على فعل ويغير اللفظ فيكون ذلك التغيير دليلا على المصدرين ألا تراهم في النفي كما قالوا : لا أبالك فأضافوا إلى المعرفة أقحموا اللام ليشبه النكرة والمعطوف بالفاء والواو وغيرهما على ما قبله يجوز أن يكون ما قبله سببا له ويجوز أن لا يكون سببا له إذا كان لفظه كلفظه نحو قولك : يقوم زيد فيضرب ويقوم ويضرب وزيد يقوم فيقعد عمرو.
فيجوز أن يكون القيام سببا للضرب ويجوز أن لا يكون إلا أن الفاء معناه اتباع الثاني الأول بلا مهلة فإذا أرادوا أن يجعلوا الفعل سببا للثاني جاءوا به في الجزاء وفيما ضارع الجزاء وجميع هذه المواضع يصلح فيها المعنى الذي فيها من الإتباع ألا ترى أن الشاعر إذا اضطر فعطف على الفعل الواجب الذي على غير شرط بالفاء وكان الأول سببا للثاني نصب كما قال :
سأترك منزلي لبني تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا |
جعل لحاقه بالحجاز سببا لأستراحته فتقديره لما نصب كأنه قال : يكون لحاق فاستراحة وقد جاء مثله في الشعر أبيات لقوم فصحاء إلّا أنه قبيح أن تنصب وتعطف على الواجب الذي على غير شعر وألحق بالحجاز فإذا لحقت استرحت ، وإن ألحق أسترح ومع ذلك ، فإن الإيجاب على غير الشرط أصل الكلام وإزالة اللفظ عن جهته في الفروع أحسن منها في الأصول لأنها