وأمّا (دم) فقد استبان أنه من الياء لقول بعض العرب إذا ثنّاه : دميان وقال بعضهم :دموان فما علمت أنه من الواو أكثر لأنّهم قد قالوا : هنوان وأخوان وأبوان فقد عرفت أنّ أصل دم : فعل وغد قد استبان لك أنّه (فعل) بقولهم : وغدوا بلاقع.
وإنما يحمل الباب على الأكثر.
وذكر الأخفش (سنين ومئين) فقال : فيها قولين : أختار أحدهما وهو الصحيح عندنا فقال : وأما سنين ومئين في قول من رفع النون فهو فعيل ولكن كسر الفاء لكسرة ما بعدها وأجمعوا كلّهم على كسرها وصارت النون في آخر (سنين) بدلا من الواو ؛ لأن أصلها من الواو وفي (مئين) النون بدل من الياء ؛ لأن أصلها من الياء كأنّها كانت (مئي) مثل معي وقد قالوها في بعض الشعر ساكنة ولا أراهم أرادوا إلّا التثقيل ثمّ اضطروا فخففوا لأنّهم لو أرادوا غير التخفيف لصار الاسم على (فعل) وهذا بناء قليل.
قال الشاعر :
حيدة خالي ولقيط وعلي |
|
وحاتم الطائيّ وهّاب المئي |
مثل (المعي) ، وأما قولهم : ثلاث مئي فاعلم. فإنه أراد (بمئي) جماعة المائة كتمر وتمرة وتقول فيه : رأيت مئيا مثل : معيا وقولهم : رأيت مئا مثل : معى خطأ ؛ لأن المئي إنّما جاءت في الشعر فتقول : ليس لك أن تدعي أنّ هذه الياء للإطلاق وأنت لا تجد ما هو على حرفين يكون جماعة ويكون واحده بالهاء نحو : تمرة وتمر.
قال أبو الحسن : وهو مذهب وهو قول يونس يعني (الياء) قال والقياس الجيد عندنا أن يكون سنين فعلين مثل غسلين محذوفة ويكون قول الشاعر : سني والمئي مرخما.
فإن قلت : فإن (فعلين) لم يجيء في الجمع وقد جاء (فعيل) نحو : كليب وعبيد وقد جاء فيه ما لزمه (فعيل) مكسور الفاء نحو : (مئين) ، فإن من الجمع أشياء لم يجىء مثلها إلّا بغير اطراد نحو (سفر) وقد جاء منه ما ليس له نظير نحو : (عدى) وأنت إذا جعلت (سنين) فعيلا جعلت النون بدلا والبدل لا يقاس ولا يطرد.