ومخالفة الجمع للواحد قد كثر ، فإن تحمله على ما لا بدل فيه أولى وليس يجوز أن تقول :إنّ الياء في سنين : أصلية وقد وجدتها زائدة في هذا البناء بعينه لمّا قلت : (فعلين) وفعلون : يعني أنك تقول : سنين يا هذا وسنون وقال : اعلم أنّ قول العرب : (آوّه) لا يجوز أن تكون فاعلة والدليل على أنّ الهاء للتأنيث قول العرب : (أوتاه) وإنّما هذا شاذّ ؛ لأنه حرف بني هكذا لم يسمع فيه (فعل) قط العين واللام من الواو فلمّا بنوه كأنّه لم يكن له (فعل) بنوه على الأصل كما قالوا : مذروان فبنوه على الأصل إذ لم يكن له واحد يقلب فيه الواو إلى الياء وكما قالوا : ثنايان فلم يهمزوا إذا لم يكن لهذا واحد تكون الياء آخره قال : وأما قول الشاعر :
فأوّ لذكراها إذا ما ذكرتها |
|
ومن بعد أرض دونها وسماء |
فإنه من قولهم : أوتاه ولكن جعله مثل : سبح وهلّل وقوله : أو يريد : افعل ورأيت بخط بعض أصحابنا مما قريء على بعض مشايخنا من كلام الأخفش.
اعلم أنّ قول العرب (أوّه) لا يجوز أن يكون إلّا (فاعلة) ورأيت إلا ملحقة في الكتاب.
قال أبو بكر : جميع الأصوات التي تحكى محالفة للأسماء والأفعال في تقديرها فليس لنا أن نقول في (قد) أن أصلها (فعل) كما تقول في (يد) ولا ندعي أنه حذف من (قد) شيء كما حذف في (يد) ولا لنا أن نقول : إنّ الألف في (ما ولا) منقلبة من شيء وكذلك صه ومه وألف (غاق) لا تقول : إنّها منقلبة وإنّما تقدر الأسماء والأفعال بالفاء والعين واللام لتبين الزوائد من غيرها والحروف والأصوات أصول لا تكاد تجد فيها زائدا ولا تحتاج إلى تقديرها بالفاء والعين واللام لأنّها لا تتصرف تصرف الأسماء ولا تصرف الأفعال لأنّها لا تصغر ولا تثنى ولا تجمع ولا يبنى منها فعل ماض ولا مستقبل وأنّما جعلت الفاء والعين واللام في التمثيل ليعتبر بهنّ الزائد من الأصل والأبينة المختلفة.
فما لا تدخله الزيادة ولا تختلف أبنيته فلا حاجة إلى تمثيله وتقديره فأمّا قولهم (تأوّه) فإنّما هو مشتقّ من قولهم : آوّه يراد به أنه قال : أواه كما قالوا : سبّح إذا قال سبحان الله وهلّل إذا قال : لا إله إلّا الله فهلل فعّل أخذت الهاء واللام من بعض الكلام الذي تكلم به وجاز تقديم