فقال قوم : كلّ شيء مما لا ينصرف مصروف في الشعر إلّا أفعل (الذي معه من كذا نحو :هذا أفعل منك ورأيت أكرم منك وذهبوا إلى أنّ (منك) يقوم مقام المضاف إليه وهذا منهم خطأ وإنّما منع الصرف ؛ لأنه (أفعل) وتمّ (بمنك) نعتا فصار كأحمر ألا ترى أنّك تقول : مررت بخير منك وشرّ منك فمنك على حالها وصرفت خيرا وشرا) ؛ لأنه قد نقص عن وزن (أفعل) وقال قوم : يجوز في الشعر ترك صرف ما ينصرف.
قال محمد بن يزيد : وهذا خطأ عظيم ؛ لأنه ليس بأصل للأسماء أن لا تنصرف فتردّ ذلك إلى أصله قال : وممّا يحتجون به قول العباس بن مرداس :
أتجعل نهبي ونهب العبيد |
|
بين عيينة والأقرع |
وما كان حصن ولا حابس |
|
يفوقان مرداس في مجمع |
وإنّما الرواية الصحيحة (يفوقان شيخي في مجمع) ومن ذلك روايتهم في هذا البيت لذي الأصبع العدواني :
وممن ولدوا عامر |
|
ذو الطّول وذو العرض |
وإنّما عامر اسم قبيلة فيحتجون بقوله (وذو الطول) ولم يقل (ذات) فإنّما ردّه للضرورة إلى (الحيّ) كما قال :
قامت تبكيّه على قبره |
|
من لي من بعدك يا عامر |
تركتني في الدّار ذا غربة |
|
قد ذلّ من ليس له ناصر |
فإنّما أراد للضرورة إنسانا ذا غربة فهذا نظير ذلك وهذا الذي ذكر أبو العباس كما قال :إنّه القياس أن يردّ للضرورة الشيء إلى أصله ولكن لو صحت الرواية في ترك صرف ما ينصرف في الشعر لما كان حذف التنوين بأبعد من حذف الواو في قوله : فبنياه يشري رحله .. ؛