أي : المرء ذيب إن يلق الرّشا فجاز هذا في الشعر وشبهوه فالجزاء إذا كان جوابه منجزما ؛ لأن المعنى واحد قال : ثم قال في الباب الذي بعده.
فإذا قلت : آتي من أتاني فأنت بالخيار إن شئت كانت بمنزلتها في (إن) وقد يجوز في الشعر : آتي من يأتيني قال الشاعر :
فقلت تحمّل فوق طوقك إنّها |
|
مطبّعة من يأتها لا يضيرها |
كأنه قال : لا يضيرها من يأتها ولو أريد أنه حذف الفاء جاز وأنشد في باب بعده :
وما ذاك أن كان ابن عمّي ولا أخي |
|
ولكن متى ما أملك الضّرّ أنفع (١) |
__________________
مع أنه في البيت غير معلوم من هو ـ فيه تحريفات ثلاثة : الأول : أن الرشا بضم الراء ـ والقصر : جمع رشوة ؛ فقال : هو بكسر الراء مع المد : الحبل ، وقصره للضرورة وأنثه على معنى الآلة. وكلامه هذا على حد : زناه وحده.
والثاني : أن قوله يلقها بفتح الياء من اللقي ، وهو ضبطه بضم الياء من الإلقاء.
والثالث : أن قوله ذيب بكسر الذال وبالهمزة المبدلة ياء وهو الحيوان المعروف ؛ وهو صحفه ذنبا بفتح الذال والنون ، وقال : قوله عند الرشا متعلق بذنب لما فيه من معنى التأخر.
والمعنى : إن يلق إنسان الرشا فهو متأخر عند إلقائها ، يريد أن سراقة درس القرآن فتقدم والمرء متأخر عند اشتغاله بما لا يهم كمن امتهن نفسه في السقي وإلقاء الأرشية في الآبار. هذا كلامه ؛ وتبعه فيه الشمني. انظر خزانة الأدب ١ / ١٦٤.
(١) والقوافي مرفوعة ، كأنه قال : ولكن أنفع متى ما أملك الضر ، ويكون أملك على متى في موضع جزاء ، وما لغو. ولم تجد سبيلا إلى أن تكون بمنزلة من فتوصل ، ولكنها كمهما. انتهى كلام سيبويه.
فشرط جواز وقوع أداة الشرط بعد لكن تقدير الضمير بينهما ، وحينئذ لا ضرورة فيه ، بل هو حسن للفصل ، كما قال سيبويه.
ولم يصب الأعلم في قوله : الشاهد في هذا البيت حذف المبتدأ بعد لكن ضرورة ، والمجازاة بعدها ، والتقدير : ولكن أنا متى يسترفد القوم أرفد. اه؟.
وإن لم يقدر الضمير ، فلا يجوز وقوع الأداة بعد لكن إلا في الشعر.
والشارح المحقق أخل بهذا التفصيل ، ولم يذكره ، وقد أخذ به أبو علي في التذكرة القصرية. انظر خزانة الأدب ٣ / ٢٩٩.