أن يكونا معرفة وأن يكونا نكرة فقلت : فأيّ : ما تقول فيها قال : أنا أقول : إنّها مضافة معرفة ومفردة نكرة والدليل على ذلك أنك تقول : أية صاحبتك ولو كانت معرفة لم تتصرف.
قال : وكان الأخفش يقول : هي معرفة ولكن أنون ؛ لأن التنوين وقع وسط الاسم فهو بمنزلة امرأة سميتها خيرا منك وكان غيره لا يصرفها ويقول : أيّة صاحبتك لأنّها معرفة.
وشرح أبو العباس ذلك فقال : إن من وما وأيّ مفردة نكرات ، وذلك أنّ أيا منونة في التأنيث إذا قلت : أيّة جاريتك وقول الأخفش : التنوين وقع وسطا غلط وذاك ؛ لأن (أيّ) في الجزاء والاستفهام لا صلة لها (ومن وما) إذا كانتا خبرا فإنهما يعرفان بصلتهما.
فقد حذف ما كان يعرفهما فهما بمنزلة (أي) مفردة ومن الدليل على أنهن نكرات أنك تسأل بمن سؤالا شائعا ولو كنت تعرف ما تسأل عنه لم يكن للسؤال عنه وجه فالتقدير فيها على ما ذكرنا إذا قلت : ما زيد وأيّ زيد وما عندك وأيّ رجل وأي شيء فإذا قلت : أيهم وأيّ القوم زيد فقد اختصصته من قوم فأضفته إليهم والتقدير : أهذا زيد من القوم أم هذا للاختصاص.
فلذلك كانت بالإضافة معرفة وفي الإفراد نكرة.
وقال سيبويه : سألت الخليل عن (كيف) : لم لم يجازوا بها فقال : هي فيه مستكرهة وأصلها من الجزاء ذلك ؛ لأن معناها على أي حال تكن أكن.
وقال محمد بن يزيد : والقول عندي في ذلك : إنّ علة الجزاء موجودة في معناها فما صحّ فيه معنى الجزاء جوزي به وما امتنع فلا جزاء فيه وإنما امتنعت (كيف) من المجازاة ؛ لأن حروف الجزاء التي يستفهم بها كانت استفهاما قبل أن تكون جزاء والدليل على تقديم الاستفهام وتمكنه أنّ الاستفهام يدخل على الجزاء كدخوله على سائر الأخبار فتقول : أإن تأتني آتك ونحوه ولا يدخل الجزاء على الاستفهام ثم رأيت أنه ما كان من حروف الاستفهام متمكنا يقع على المعرفة والنكرة جوزي به : لأن حروف الجزاء الخالصة تقع على المعرفة والنكرة تقول إن تأتني زيد آته ، وإن يأتني رجل أعطه فكذلك من وما وأي وأين ومتى وأنّى.