قال : والدليل على ذلك أنها حرفه الذي لا يزول عنه لأنها لا تكون أبدا إلا للجزاء ومن تكون استفهاما وتكون في معنى الذي وكذلك ما وأيّ وأين ومتى تكون استفهاما وجميع الحروف تنقل غيرها.
قال أبو العباس رحمه الله : فيقال له : (إن) قد تكون في معنى (ما) نحو : (إن الكافرون إلا في غرور) وتكون مخففة من الثقيلة وتكون زائدة نحو قوله :
وما إن طبنا جبن (١) ...
ثم قال : والدليل على ما قال سيبويه : أنّ هذا السؤال لا يلزم أنّ (من) تكون لما يعقل في الجزاء والاستفهام ومعنى الذي فهي حيث تصرفت واحدة و (ما) واقعة على كل شيء غير الناس وعلى صفات الناس وغيرهم حيث وقعت فهي واحدة وكذلك هذه الحروف و (إن) للجزاء لا تخرج عنه وتلك الحروف التي هي (إن) للنفي ومخففة من الثقيلة وزائدة ليس على معنى (إن) الجزاء ولا منها في شيء ، وإن وقع اللفظان سواء فإنهما حرفان بمنزلة الاسم والفعل إذا وقعا في لفظ وليس أحدهما مشتقا من الآخر : نحو قولك : هذا ذهب وأنت تعني التّبر وذهب من الذهاب ونحو قولك : زيد على الجبل وعلا الجبل فهذا فعل والأول حرف قال : وسألت أبا عثمان عن (ما) و (من) في الاستفهام والجزاء أمعرفة هما أم نكرة فقال : يجوز
__________________
(١) على أنّ" ما الحجازيّة" إذا زيد بعدها" إن" لا تعمل عمل ليس ، كما في هذا البيت.
قال الأعلم : " إن" كافة لما عن العمل ، كما كفت" ما" إن عن العمل. والطّبّ بالكسر هاهنا بمعنى العلّة والسبّب ، أي : لم يكن سبب قتلنا الجبن وإنّما كان ما جرى به القدر من حضور المنية ، وانتقال الحال عنّا والدّولة.
وقال في" الصحاح" : تقول ما ذلك بطبّي ، أي : دهري وعادتي. وانشد هذا البيت للكميت. وهذه النسبة غير صحيحة كما يأتي بيانه قريبا.
و" الجبن" : ضدّ الشّجاعة ، وهو مصدر جبن جبنا كقرب قربا ، فهو جبان أي : ضعيف القلب. والجبن المأكول فيه ثلاث لغات ، أجودها سكون الباء ، والثانية ضمّ الباء للاتباع ، والثالثة وهي أقلّها التشديد كذا في" المصباح". و" المنايا" : جمع منيّة ، وهي الموت ، لأنّها مقدّرة ، مأخوذة من المنا بوزن العصا وهو القدر ، يقال : مني له ، أي : قدّر بالبناء للمفعول فيهما. انظر خزانة الأدب ١ / ٤٩٨.