فإنما جاز عندهم ؛ لأن الرافع في مذهبهم (عليك) وقد تقدم ولا يجيزون للشاعر إذا اضطر أن يقول : (إنّ وزيدا عمرا قائمان) ؛ لأن (إنّ) أداة وكل شيء لم يكن يرفع لم يجز أن تليه الواو عندهم على كل حال فهذا شاذ لا يقاس عليه وليس شيء منصوب مما بعد حرف النسق يجوز تقديمه إلا شيء أجازه الكوفيون فقط ، وذلك قولهم : زيدا قمت فضربت وزيدا أقبل عبد الله فشتم. وقالوا : الإقبال والقيام هنا لغو.
شرح الثالث : وهو المضاف إليه :
لا يجوز أن تقدم على المضاف ولا ما اتصل به ولا يجوز أن تقدم عليه نفسه ما اتصل به فتفصل به بين المضاف والمضاف إليه إذا قلت : (هذا يوم تضرب زيدا) لم يجز أن تقول : (هذا زيدا يوم تضرب) ولا هذا يوم زيدا (تضرب) وكذلك : هذا يوم ضربك زيدا لا يجوز أن تقدم (زيدا) على (يوم) ولا على (ضربك) ، وأما قول الشاعر :
لله درّ اليوم من لامها ...
وقوله :
كما خطّ الكتاب بكفّ يوما |
|
يهودي يقارب أو يزيل (١) |
__________________
وإنما نسب الأولوية إلى ابن جني لأنه ذهب ـ تبعا لغيره ـ في حرف الواو من المغني إلى أنه من باب تقدم المعطوف على المعطوف عليه ، وأنه من خصائص الواو.
وما زعمه الدماميني في" الاختصاص" : بأن السعد قال في" شرح المفتاح" إن تقديم المعطوف جائز بشرط الضرورة ، وعدم التقديم على العامل ، وكون العاطف أحد حروف خمسة : الواو ، والفاء ، وثم ، وأو ، ولا ، وصرح به المحققون. قال ابن السيد في" شرح أبيات الجمل" : مذهب الأخفش أنه أراد : عليك السّلام ورحمة الله ، فقدم المعطوف ضرورة ؛ لأن السّلام عنده فاعل عليك. ولا يلزم هذا سيبويه لأن السّلام عنده مبتدأ ، وعليك خبره ، ورحمة الله معطوف على الضمير المستر. انظر خزانة الأدب ١ / ١٣٩.
(١) البصريون احتجوا بأن قالوا إنّما قلنا لا يجوز ذلك لأنّ المضاف والمضاف إليه بمنزلة شيء واحد ، فلا يجوز أن يفصل بينهما. وإنّما جاز الفصل بالظرف وحرف الجرّ كما قال ابن قميئة : لله درّ اليوم من لامها وقال أبو حيّة النميريّ : " الوافر"