الضرب الثاني منه الحروف التي لا تعمل فمنها : (قد) وهي جواب لقوله : (أفعل) كما كانت (ما فعل) جوابا لهل (فعل) إذا أخبرت أنه لم يقع ولما يفعل وقد فعل إنما هما لقوم ينتظرون شيئا فمن ثم أشبهت (قد) لما في أنها لا يفصل بينها وبين الفعل ومن هذه الحروف (سوف يفعل) لا يجوز أن تفصل بين (سوف) وبين (يفعل) لأنها بمنزلة (السين) في (سيفعل) وهي إثبات لقوله : (لن يفعل) ومما شبه بهذه الحروف (ربّما وقلما وأشباهما) جعلوا (ربّ) مع (ما) بمنزلة كلمة واحدة ليذكر بعدها الفعل ومثل ذلك (هلّا ولو لا وألا ألزموهن لا) وجعلوا كل واحدة مع (لا) بمنزلة حرف واحد وأخلصوهن للفعل حيث دخل فيهن معنى التحضيض وقد يجوز في الشعر تقديم الاسم قال الشاعر :
صددت فأطولت الصّدود وقلّما |
|
وصال على طول الصّدود يدوم |
وهذا لفظ سيبويه.
التاسع : الحروف التي تكون صدور الكلام :
هذه الحروف عاملة كانت أو غير عاملة فلا يجوز أن يقدم ما بعدها على ما قبلها ، وذلك نحو ألف الاستفهام و (ما) التي للنفي ولام الابتداء لا يجوز أن تقول : (طعامك أزيد آكل) ولا (طعامك لزيد آكل) وإنّما أجزنا : إنّ زيدا طعامك لآكل ؛ لأن تقدير اللام أن يكون قبل (إنّ) وقد بينا هذا فيما تقدم هذه اللام التي تكسر (إنّ) هي لام الابتداء وإنما فرق بينهما ؛ لأن معناهما في التأكيد واحد فلما أزيلت عن المبتدأ وقعت على خبره وهي لا يجوز أن تقع إلا على اسم (إنّ) أو يكون بعدها خبره فالاسم نحو قولك : (إنّ خلفك لزيدا) والخبر نحو : (إنّ زيدا لآكل طعامك) ، فإن قلت : (إنّ زيدا آكل لطعامك) لم يجز لأنها لم تقع على الاسم ولا الخبر.
ومن ذلك (ما) النافية تقول : (ما زيد آكلا طعامك) ولا يجوز أن تقدم (طعامك) فتقول :(طعامك ما زيد آكلا) ولا يجوز عندي تقديمه ، وإن رفعت الخبر ، وأما الكوفيون فيجيزون :(طعامك ما زيد آكلا) يشبهونها (بلم) و (لن) وأباه البصريون وحجة البصريين أنهم لا