رفع جاز كأنه قال : (أو امرىء فرق) وألا طعام ولو تمرا أي : (ولو كان الطعام تمرا) ويجوز :(ولو تمر) أي : ولو كان تمر ومن هذا الباب : (خير مقدم) أي قدمت ، وإن شئت قلت : (خير مقدم) فجميع ما يرفع إنما تضمر في نفسك ما تظهر وجميع ما ينصب إنما تضمر في نفسك غير ما تظهر فافهم هذا ، فإن عليه يجري هذا الباب ألا ترى أنك إذا قلت : خير مقدم فالمعنى : قدمت فقدمت فعل وخير مقدم اسم والاسم غير الفعل فانتصب بالفعل فإذا رفعت فكأنّك قلت : قدومك خير مقدم فإنما تضمر قدومك خير مقدم فقدومك (هو خير مقدم) وخبر المبتدأ هو المبتدأ ، وإذا قلت : (خير مقدم) فالذي أضمرت (قدمت) وهو فعل وفاعل والفعل والفاعل غير المفعول فافهم هذا ، فإن عليه يجري هذا الباب ومن هذا الباب قولهم : (ضربت وضربني زيد) تريد : (ضربت زيدا وضربني) إلا أن هذا الباب أضمرت ما عمل فيه الفعل ، وذلك أضمرت الفعل نفسه وكذلك كلّ فعلين يعطف أحدهما على الآخر فيكون الفاعل فيهما هو المفعول فلك أن تضمره مع الفعل وتعمل المجاوز له فتقول على هذا متى ظننت أو قلت :زيد منطلق ؛ لأن ما بعد القول محكي وتقول : (متى قلت أو ظننت زيدا منطلقا) فإذا قلت : (ضربني وضربت زيدا) ثنيت فقلت : (ضرباني وضربت الزيدين) فأضمرت قبل الذكر ؛ لأن الفعل لا بد له من فاعل ولو لا أنّ هذا مسموع من العرب لم يجز وإنما حسن هذا لأنك إذا قلت : (ضربت وضربني زيد) وضربني وضربت زيدا فالتأويل : تضاربنا فكل واحد فاعل مفعول في المعنى فسومح في اللفظ لذلك.
ومن ذلك : (ما منهم يقوم) فحذف المبتدأ كأنه قال : (أحد منهم يقوم) ومن ذلك قوله عز وجل : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)(١) [يوسف : ١٨]. أي : (أمرى صبر جميل).
__________________
(١) فصبر جميل أي : فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أمثل. وقرأ أبي ، والأشهب ، وعيسى بن عمر : فصبرا جميلا بنصبهما ، وكذا هي في مصحف أبيّ ، ومصحف أنس بن مالك. وروي كذلك عن الكسائي. ونصبه على المصدر الخبري أي : فاصبر صبرا جميلا. قيل : وهي قراءة ضعيفة عند سيبويه ، ولا يصلح النصب في مثل هذا إلا مع الأمر ، وكذلك يحسن النصب في قوله :شكا إلي جملي طول السرى.