رووا ، وشرب صلى الله عليه وسلم آخرهم وقال : «ساقي القوم آخرهم».
فشربوا جميعاً عللاً بعد نهل (١) حتى أراضوا (٢). ثمّ حلب فيه ثانياً عوداً على بدء ، فغادره عندها ، ثمَّ ارتحلوا عنها.
وأصبح صوت بمكّة عالياً بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقول ، وهو يقول :
جزى الله ربُ الناسِ خيرَ جزائِهِ |
|
رفيقين حَلاّ خيمَتَي أمِّ مَعْبَدِ |
هما نزلا بالبرِّ وارتحلا بهِ |
|
فأفلحَ مَن أمسى رفيقَ محمد |
فيالَ قُصيٍّ ما زوى الله عنكُمُ |
|
به مِن فعالٍ لا يُجازى وسؤددِ |
سلوا أختَكمْ عن شاتِها وإنائها |
|
فإنَّكمُ إنْ تسألوا الشاةَ تَشْهدِ |
دعاها بشاةٍ حائلٍ فَتَحَلَّبَتْ |
|
له بصريحٍ ضَرّةُ الشاةِ مُزْبدِ (٣) |
فغادره رهناً لديها لحالبٍ |
|
تدرُّ بها في مصدرٍ ثمَّ موردِ (٤) |
١٢ ـ أخرج ابن الأثير في أُسد الغابة (٥) (٥ / ١٨٨) عن أبي ذؤيب الهذلي الشاعر ، أنَّه سمع ليلة وفاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم هاتفاً يقول :
خَطْبٌ أجلُّ أناخَ بالإسلامِ |
|
بينَ النخيلِ ومَعْقدِ الآطامِ (٦) |
قُبض النبيُّ محمد فعيونُنا |
|
تذري الدموعَ عليه بالتسجامِ |
وهناك هواتف في شئون العترة النبويّة ، منها :
__________________
(١) عللا ـ بالتحريك : شُرْباً بعد شرب. نهل ـ بالتحريك : أوّل الشرب. (المؤلف)
(٢) من أراضَ إراضة : روى. (المؤلف)
(٣) الصريح : الخالص. الضرّةُ : أصلُ الثدي. المُزْبد : القاذف بالزبد. (المؤلف)
(٤) ورواها أبو نعيم في دلائل النبوّة : ٢ / ١١٨ [٢ / ٤٣٨ ح ٢٣٨]. (المؤلف)
(٥) أُسد الغابة : ٦ / ١٠٢ رقم ٤٨٦٥.
(٦) واحده الأطم بالضم : الأبنية المرتفعة كالحصون. (المؤلف)