ذكر ابن حجر في الصواعق (١) (ص ٨٧) قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٢). وروى جملة من الأخبار الصحيحة الواردة فيها ، وأنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قرنَ الصلاة على آله بالصلاة عليه لمّا سُئل عن كيفيّة الصلاة والسلام عليه ، ثمّ قال : وهذا دليل ظاهر على أنّ الأمر بالصلاة على أهل بيته وبقيّة آله مراد من هذه الآية ، وإلاّ لم يسألوا عن الصلاة على أهل بيته وآله عَقِب نزولها ولم يُجابوا بما ذُكر ، فلمّا أُجيبوا به دلَّ على أنّ الصلاة عليهم من جملة المأمور به ، وأنّه صلى الله عليه وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه ؛ لأنّ القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ومنه تعظيمهم ، ومن ثمّ لمّا دخل من مرّ في الكساء قال : «اللهمّ إنّهم منّي وأنا منهم فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليَّ وعليهم» (٣). وقضيّة استجابة هذا الدعاء : أنّ الله صلّى عليهم معه فحينئذٍ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم معه.
ويُروى : «لا تُصلّوا عليَّ الصلاة البتراء». فقالوا : وما الصلاة البتراء؟
قال : «تقولون اللهمَّ صلِّ على محمد وتُمسِكون ، بل قولوا : اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد». ثمّ نقل عن الإمام الشافعي قوله :
يا أهلَ بيتِ رسولِ اللهِ حبُّكُمُ |
|
فرضٌ من الله في القرآنِ أنزلهُ |
كفاكُمُ من عظيمِ القدرِ أنّكمُ |
|
من لم يُصَلِّ عليكم لا صلاةَ لهُ (٤) |
فقال : فيُحتمل لا صلاة له صحيحةً فيكون موافقاً لقوله بوجوب الصلاة على الآل ، ويُحتمل لا صلاة كاملة فيوافق أظهر قوليه.
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ص ١٤٦.
(٢) الأحزاب : ٥٦.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده : ٦ / ٣٢٣ [٧ / ٤٥٥ ح ٢٦٢٠٦]. (المؤلف)
(٤) ونسبهما إلى الإمام الشافعي الزرقاني في شرح المواهب : ٧ / ٧ وجمع آخرون [كابن حجر في صواعقه : ص ١٤٨]. (المؤلف)