هوائه ، وأرضي تنخفض عند سمائه. تاريخ الخطيب (٨ / ٢٤٨).
كان البحتري أوّل أمره في الشعر ونباهته فيه أنّه سار إلى أبي تمام وهو بحمص ، فعرض عليه شعره ، وكانت الشعراء تقصده لذلك ، فلمّا سمع شعر البحتري أقبل عليه وترك سائر النّاس ، فلمّا تفرَّقوا قال له : أنت أشعر من أنشدَني ، فكيف حالك؟ فشكا إليه القلّة. فكتب أبو تمام إلى أهل مَعَرَّة النعمان ، وشَهِدَ له بالحَذَق ، وشفع له إليهم ، وقال له : امتدحهم. فسار إليهم فأكرموه بكتاب أبي تمام ، ووظّفوا أربعة آلاف درهم فكانت أوّل مال أصابه ، ثمّ أقبل عليه أبو تمام يصف شعره ويمدحه ، فلزمه البحتري بعد ذلك ، وقيل للبحتري : أنت أشعر أم أبو تمام؟ قال : جيِّده خيرٌ من جيِّدي ، ورديّي خيرٌ من رديئه.
وقيل : سُئل أبو العلاء المعرّي : من أشعر الثلاثة؟ أبو تمام أم البحتري أم المتنبي؟ فقال : المتنبي وأبو تمام حكيمان ، وإنّما الشاعر البحتري.
وقيل : أنشد البحتري أبا تمام شيئاً من شعره ، فقال له : أنت أمير الشعراء بعدي. قال البحتري : هذا القول أحبّ إليَّ من كلِّ ما نلته.
وقال ابن المعتز (١) : شعره كلّه حسنٌ. وذكر اعتناءه البالغ بشعر مسلم بن الوليد صريع الغواني وأبي نواس.
وعن عمارة بن عقيل في حديث نقله عنه ابن عساكر في تاريخه (٢) (٤ / ٢٢) : أنَّه لمّا سمع قوله :
وطول مقام المرءِ بالحيِّ مُخلِقٌ |
|
لديباجَتَيهِ فاغتَرِبْ تَتَجَدّدِ |
فإنّي رأيت الشمسَ زيدت محبّةً |
|
إلى الناس أن ليست عليهم بسرمدِ |
__________________
(١) طبقات الشعراء : ص ٢٨٤.
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٤ / ١٥٧ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ١٨١.