المغالا ة في أي موضوع من الموضوعات تلازم الكذب أوّلاً ، والاِغراء بالجهل ثانياً ، وبخس الحق ثالثاً إلى غير ذلك من المضاعفات ، من غير فرق بين أن يتعلق بأمر ديني أو غيره ، وهنا نذكر شيئاً مما قيل في حقّه من المغالاة :
١ ـ اتفقت كلمة أصحاب المعاجم على أنّ زيداً ، أخذ عن والده وأخيه محمد الباقر عليهماالسلام ولم ينكر أحد ذلك وقد تخرج من مدرسة أخيه عشرات المحدثين والفقهاء والمتكلمين ، لا يشق غبارهم ولا يدرك شأوهم غير أنّ هناك من يروقه الحط عن مكانة أئمة أهل البيت ، أو الخضوع للعاطفة ، أو الحسد لمنزلة أبي جعفر الباقر عليهالسلام فلا يرضى إلاّ بترفيع زيد عليه ، يقول : لقد علم زيد ، القرآن من حيث لم يعلمه أبو جعفر ، قلت : وكيف ذلك؟ قال : لأنّ زيداً علم القرآن ، وأُوتي فهمه. وأبو جعفر أخذ من أفواه الرجال. قال الديلمي : وقد قيل لأبي جعفر : باقر علم الأنبياء والعالم ورأس الشيعة في زمانه. وعنه : واللّه لقد علمت أهل بيتي فما علّمت أفضل من زيد بن علي ولقد استوسقت له الفضائل ، واجتمع له الخير ، وكمل فيه الحقّ فما يساميه أحد إلاّ والحقّ ينكسه ويزهقه (١).
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ زيداً من علماء أهل البيت وأفاضلهم ، وهو علم القرآن وأُوتي فهمه ، ولكنه من أين أخذ علمه هل أخذ عن أبيه زين العابدين ، وأخيه باقر العلوم عليهماالسلام فإذاً تنتفي المغالاة ، أو من غيرهما ، ومن هو ذاك الغير الذي علّم زيداً ، وصار زيد في علم القرآن عيالاً عليه ، وبرع وترعرع وتقدم على أئمة أهل البيت عليهمالسلام؟!
وثانياً : ما مصدر هذه الأكذوبة من أنّ أبا جعفر عليهالسلام أخذ من أفواه الرجال ، إذ لم يأت في أي مصدر من المصادر ، إنّ الأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام
__________________
١ ـ الروض النضير : ١ / ١٠١ وهذا القضاء الجائر نسبه الديلمي في مشكاة الأنوار إلى عبد اللّه بن محمد ابن علي بن الحنفية.