ما تركنا وفينا مثله » (١) ولو صح الحديث لحمل على التفضيل النسبي بالنسبة إلى سائر الهاشميين.
تطرف بعد تطرف :
ومن ذلك ما يرويه حميد بن أحمد المحلي قال : روينا بالاسناد الموثوقة أيضاً أنّ زيد بن علي عليهماالسلام سأل محمد بن علي الباقر عليهماالسلام كتاباً كان لأبيه ، قال : فقال له محمد بن علي : نعم ، ثم نسي ولم يبعث إليه ، فمكث سنة ثم ذكر ، فلقى زيداً فقال : أي أخي ألم تسأل كتاب أبيك؟ قال : بلى. قال : واللّه ما منعني أن أبعث به إلاّ النسيان. قال : فقال له زيد : وقد استغنيتُ عنه. قال : تستغني عن كتاب أبيك؟ قال : نعم استغنيت عنه بكتاب اللّه ، قال : فاسألك عما فيه؟ قال له زيد : نعم ، قال : فبعث محمداً إلى الكتاب ، ثم أقبل فسأله عن حرف حرف وأقبل زيد يجيبه حتى فرغ من آخر الكتاب ، فقال له محمد : واللّه ما حرمت منه حرفاً واحداً (٢).
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ ظاهر الحديث أنّ اللقاء بين الأخوين كان بعيداًبشهور غير متقارب كما هو ظاهر قوله : فمكث سنة ثم ذكر فلقى زيداً ، وهذا ما لا تعطيه ظروف الحياة في المدينة المنورة.
وثانياً : أنّ ما نقله عن زيد من حديث الاستغناء إنّما يصح لو كان الكتاب ، كتاباً عادّياً غير مرتبط بتفسير القرآن وحل معضلاته ومشكلاته ، أو مبيّناً لمخصصاته ومقيداته ، ولكن الظاهر أنّ الكتاب كان على خلاف ذلك ومع ذلك كيف يمكن الاستغناء عنه بالقرآن.
__________________
١ ـ جمـال الدين المزي ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال : ١٠ / ٩٨ ، الذهبي : سير أعلام النبلاء : ٥ / ٣٩٠ وتاريخ الاِسلام (حوادث ـ ١٢١ ـ ١٤٠ هـ) ص ١٠٦.
٢ ـ الحدائق الوردية : ١٤٠.