على أبي عبد اللّه فقلت في نفسي واللّه لا أخبرته بقتل زيد فيجزع عليه ، فلما دخلت عليه قال : « ما فعل بعمي زيد؟! » فخنقتني العبرة ، فقال : « قتلوه؟ » قلت : أي واللّه قتلوه ، قال : « فصلبوه؟ » قلت : أي واللّه فصلبوه ، فأقبل يبكي ودموعه تنحدر من جانب خده كأنّها الجمان ثم قال : « يافضيل شهدت مع عمي زيد قتال أهل الشام؟ » قلت : نعم ، قال : « فكم قتلتَ منهم؟ » قلت : ستة ، قال : « فلعلك شاك في دمائهم؟ » فقلت : لو كنت شاكاً في دمائهم ماقتلتهم ، فسمتعه يقول : « أشركني اللّه في تلك الدماء ، مضى واللّه عمي وأصحابه مثل مامضى عليه علي بن أبي طالب عليهالسلام وأصحابه » (١).
١٠ ـ وروى الصـدوق عن حمزة بن حمران قـال : دخلت على الصادق عليهالسلام فقال لي : « يا حمزة من أين أقبلت؟ » فقلت : من الكوفة ، فبكى حتى بلّت دموعه لحيته!فقلت له : يا بن رسول اللّه! مالك أكثرت من البكاء؟ فقال : « ذكرت عمي زيد وماصنع به فبكيت » فقلت له : وما الذي ذكرت منه؟ قال : مقتله وقد أصاب جبينه سهم ، فجاءه ابنه يحيى فانكب عليه وقال له : أبشر يا أبتاه! فإنّك ترد على رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام قال : أجل يابنيّ! ثم دعا بحدّاد فنزع السهم من جبينه ، فكانت نفسه معه ، فجيء به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة ، فحفر له فيها ودفن وأُجري عليه الماء ، وكان معهم غلام سنديّ لبعضهم ، فذهب إلى يوسف بن عمر ـ لعنه اللّه ـ من الغد ، فأخبره بدفنهم إيّاه ، فأخرجه يوسف وصلبه في الكناسة أربع سنين ، ثم أمر به فأُحرق بالنار وذري في الرياح ، فلعن اللّه قاتله وخاذله ، وإلى اللّه جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته ، وبه نستعين على عدونا وهو خير مستعان (٢).
__________________
١ ـ عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ١ / ٢٥٣.
٢ ـ أمـالي الصـدوق : ٣٢١ ، المجلـس : ٦٢ ح ٣ ؛ وأمـالي الطوسـي : ٢ / ٤٨ ؛ والمجلـسي : البحـار : ٤٦ / ١٧٢.