الأمّة الذين عليهم تجسيد الاِسلام في الساحة الاجتماعية ولايتم ذلك إلاّ بالكفاح ضدَّ الظالمين وإبادتهم وتسليم الأمر إلى صلحاء الأمّة.
وكانت المصالح الزمنية تفرض الأمر الأوّل على عاتق الاِمام الصادق عليهالسلام إذ كان هو عالم الأمّة وراعيها ، والواقف بأسرار الكتاب والسنّة ، ولولاهما لما قامت هذه الدعامة وسقطت يومذاك ، وأمّا الدعامة الثانية فكان على عاتق زيد الثاثر ، والثائرون بعده على خط الاِمام زيد كيحيى بن زيد ، وعيسى بن زيد ، والحسين بن زيد ، ومحمد بن زيد (دون الحسنيّين الذين ثاروا في عصر العباسيين) وكانوا هم القائمون بهذه الفريضة فكيف يمكن للاِمام أن يُخطّئهم من صميم ذاته لذلك يرى أنّه يصف الزيدية ، وقاء ، ويقول لأصحابه : كفوا ألسنتكم والزموا بيوتكم فإنّه لا يصبكم أمر تخصون به أبداً ولا تزال الزيدية لكم وقاءً أبدا (١).
إنّ بعض المتحمسين من الشبان في عصر الاِمام الصادق عليهالسلام كانوا يفرضون عليه أن يودع زيداً عند الوفود إلى العراق ، ويدعو له ويتظاهر بدعم نضاله وجهاده وعندما بلغه استشهاده ، يعلن الحداد العام ويجلس في بيته للعزاء وما أشبه ذلك ، لكن كانت هذه أفكاراً فوضوية تختمر في صدور أُناس لم يكن لهم إلمام بالظروف المحدقة بالاِمام ، فما قام به الاِمام من السير بين الخطين كان هو الموَمّن لحياته ، ونضاله العلمي وخدماته المشكورة ولم يكن القضاء على حياة الاِمام الصادق عليهالسلام وجامعته العلمية عند الخلفاء أشد من القضاء على حياة زيد الثائر.
وفي نهاية المطاف نقول : لم يكن قيام زيد وخروجه أقل قيمة من خروج المختار الثائر ، نرى أنّ الاِمام علي بن الحسين وعمه محمد بن الحنفية والهاشميات يخرجون من حدادهم على الاِمام الحسين عليهالسلام عندما
__________________
١ ـ الكليني : الكافي : ٢ / باب التقية ، الحديث ١٣.