ـ وقال في نهاية كلامه : ـ فلا والذي جعل السماء سقفاً محفوظاً والأرض فجاجاً سبلاً ، ما بايعتم بعدَ بيعة علي بن أبي طالب وآل علي ، أهدى منها ».
ثم نزل ودخل عليه أشراف الكوفة فبايعوه على كتاب اللّه وسنّة رسول اللّه والطلب بدماء أهل البيت وجهاد المحلّين والدفع عن الضعفاء وقتال من قاتلنا وسلم من سالمنا (١).
وأقبل المختار يمنّي الناس ويستجرّ مودة الأشراف ويحسن السيرة ، وقيل له : إنّ عبد اللّه بن مطيع في دار أبي موسى ، فسكت فلمّا أمسى بعث له بمائة ألف درهم وقال : تجهّز بهذه فقد علمت مكانك وأنّك لم يمنعك من الخروج إلاّ عدم النفقة وكان بينهما صداقة (٢).
نهض المختار بالكوفة لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل سنة ٦٦ هـ وبقي إلى شهر رمضان من سنة ٦٧ هـ وكانت ولايته ما يقارب ١٨ شهراً فجدّ في الأمر وبالغ في النصرة وتتبّع أُولئك الأرجاس وقد أخذ الثأر من قتلة الحسين عليهالسلام. ونذكر هنا شيئاً قليلاً من قتاله وكفاحه في ساحة الأخذ بالثأر :
كان عامل المختار على الموصل عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني فزحف إليه عبيد اللّه بن زياد بعد قتله سليمان بن صرد (الأمير الأوّل للتوابين) ، فحاربه عبد الرحمن وكتب إلى المختار بخبره. فوجّه إليه يزيد بن أنس ، ثم وجّه إبراهيم بن مالك بن الحارث الأشتر ، فلقي عبيد اللّه بن زياد فقتله ، وقتل الحصين ابن نمير السكوني ، وشرحبيل بن ذي الكلاع الحميري ، وحرق أبدانهما بالنار وأقام والياً على الموصل وأرمينية وآذربيجان من قبل المختار وهو على العراق والٍ ، ووجّه
__________________
١ ـ ابن الأثير : الكامل : ٤ / ٢١١ ـ ٢٢٦ بتلخيص.
٢ ـ الجزري : الكامل : ٤ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.