برأس عبيد اللّه بن زياد إلى علي بن الحسين إلى المدينة مع رجل من قومه ، وقال له : قف بباب علي بن الحسين فإذا رأيت أبوابه قد فتحت ودخل الناس فذاك الوقت الذي يوضع فيه طعامه ، فادخل إليه ، فجاء الرسول إلى باب علي بن الحسين عليهماالسلام فلمّا فتحت أبوابه ودخل الناس للطعام ، نادى بأعلى صوته : يا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومهبط الملائكة ومنزل الوحي أنا رسول المختار بن أبي عبيد معي رأس عبيد اللّه بن زياد ، فلم تبق في شيء من دور بني هاشم امرأة إلاّ صرخت ، ودخل الرسول فأخرج الرأس فلمّا رآه علي علي بن الحسين قال : أبعده اللّه إلى النار.
وروى بعضهم أنّ علي بن الحسين عليهماالسلام لم يُرَ ضاحكاً يوماً قط ، منذ قتل أبوه ، إلاّ في ذلك اليوم ، وأنّه كان له إبل تحمل الفاكهة من الشام ، فلمّا أُتي برأس عبيد اللّه بن زياد أمر بتلك الفاكهة ففرقت في أهل المدينة ، وامتشطت نساء آل رسول اللّه ، واختضبن ، وما امتشطت امرأة ولا اختضبت منذ قتل الحسين بن علي عليهماالسلام.
وتتبّع المختار قتلة الحسين فقتل منهم خلقاً عظيماً ، حتى لم يبق منهم كثير أحدٍ ، وقتل عمر بن سعد وغيره ، وحرق بالنار ، وعذب بأصناف العذاب (١).
وقد جاء الجزري بتفصيل قتل قادة الجيش الأموي في كربلاء. قال :
وكان عمرو بن الحجاج الزبيدي ممن شهد قتل الحسين فركب راحلته ، وقيل أدركه أصحاب المختار وقد سقط من شدّة العطش فذبحوه وأخذوا رأسه.
وبعث المختار غلاماً له يدعى زربى في طلب شمر بن ذي الجوشن ومعه أصحابه أحاطوا بالبيت الذي فيه شمر ، وقام شمر وقد اتّزر ببرد وكان أبرص فظهر بياض برصه من فوق البرد وهو يطاعنهم بالرمح وقد عجّلوه عن لبس ثيابه
__________________
١ ـ اليعقوبي : التاريخ : ٢ / ٢٥٩.