موضعكم من نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد ترون كتاب اللّه معطلاً ، وسنّة نبيه متروكة ، والباطل حياً ، والحقّ ميتاً ، قاتلوا للّه في الطلب لرضاه بما هو أهله قبل أن ينزع منكم اسمكم وتهونوا عليه كما هانت بنو إسرائيل وكانوا أحب خلقه إليه ، وقد علمتهم أنّا لم نزل نسمع أنّ هوَلاء القوم إذا قتل بعضهم بعضاً خرج الأمر من أيديهم ، فقد قتلوا صاحبهم ـ يعني الوليد بن يزيد ـ ، فهلم نبايع محمداً ، فقد علمتم أنّه المهدي.
فقالوا : لم يجتمع أصحابنا بعد ، ولو اجتمعوا فعلنا ، ولسنا نرى أبا عبد اللّه جعفر بن محمد.
وبعد محاولات حضر الاِمام الصادق عليهالسلام مجلس القوم فاطلع على أمر القوم وأنّهم يريدون بيعة محمد بن إبراهيم ، فقالوا : قد علمت ماصنعوا بنا بنو أُمية وقد رأينا أنّ نبايع لهذا الفتى.
فقال : لاتفعلوا فإنّ الأمر لم يأت بعد ، فغضب عبد اللّه وقال : لقد علمت خلاف ما تقول ، ولكنه يحملك على ذلك الحسد لابني ، فقال : لا واللّه ، ما ذاك يحملني ، ولكن هذا وإخوته وأبناوَهم دونكم وضرب يده على ظهر أبي العباس (السفاح) ثم نهض واتبعه عبد الصمد وأبو جعفر المنصور فقالا : يا أبا عبد اللّه أتقول ذلك؟ قال : « نعم واللّه أقوله وأعلمه ».
وفي رواية قال لعبد اللّه بن الحسن : « إنّها واللّه ما هي إليك ولا إلى ابنيك ولكنّها لهوَلاء وإنّ ابنيك لمقتولان » فتفرق أهل المجلس ولم يجتمعوا بعدها.
وقال عبد اللّه بن جعفر بن المسوّر ، فخرج جعفر بن محمد يتوكأ على يدي فقال لي : « أرأيت صاحب الرداء الأصفر؟ » يعني أبا جعفر المنصور ، قلت : نعم ، قال : « فإنّا واللّه نجده يقتل محمداً » ، قلت : أو يقتل محمداً؟! قال : « نعم » فقلت في نفسي : حسده وربّ الكعبة. ثم ما خرجت واللّه من الدنيا حتى رأيته قتله (١).
__________________
١ ـ أبو الفرج الأصفهاني : مقاتل الطالبيين : ١٧١ ـ ١٧٢.