حكى ابن عنبة أنّ محمد بن عبد اللّه بن الحسن ولد سنة ١٠٠ هـ بلا خلاف ، وقيل مات سنة ١٤٥ هـ في رمضان ، وقيل في الخامس والعشرين من رجب ، وقال البخاري : وهو ابن خمس وأربعين سنة وأشهراً ، وكان المنصور قد بايع له ولأخيه إبراهيم مع جماعة من بني هاشم ، فلمّا بويع لبني العباس اختفى محمد وإبراهيم مدّة خلافة السفاح فلما ملك المنصـور ( ١٣٦ هـ ) وعلـم أنّهما على عزم الخروج جدّ في طلبهما وقبض على أبيهما وجماعة من أهلهما فيحكى أنّهما أتيا أباهما وهو في السجن وقالا له : يقتل رجلان من آل محمد خير من أن يقتل ثمانية ، فقال لهما : إن منعكما أبو جعفر أن تعيشا كريمين فلا يمنعكما أن تموتا كريمين.
ولما عزم « محمد » على الخروج واعد أخاه إبراهيم على الظهور في يوم واحد ، وذهب محمد إلى المدينة وإبراهيم إلى البصرة ، فاتفق أنّ إبراهيم مرض فخرج أخوه بالمدينة وهو مريض بالبصرة ، ولما خلص من مرضه وظهر أتاه خبر أخيه أنّه قتل وهو على المنبر يخطب.
ومن عجيب ما يروى عن محمد بن عبد اللّه أنّه لما أحس بالخذلان دخل داره وأمر بالتنور فسجّر ثم عمد إلى الدفتر الذي أثبت فيه أسماء الذين بايعوه فألقاه في التنور فاحترق ، ثم خرج فقاتل حتى قتل بأحجار الزيت ، قريباً من المدينة.
وكان مالك بن أنس الفقيه قد أفتى بالخروج مع محمد وبايعه ولذلك تغير المنصور عليه فقال : إنّه خلع أكتافه (١).
وقد ذكر الموَرخون دعوته وشهادته بين موجز في القول ومعتدل في البيان ومفصل في القصة وبما أنّ في كلامهم ما يلقي الضوء على حياة القائد ، نذكر بعض نصوصهم.
__________________
١ ـ النسابة ابن عنبة : عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ١٠٤ ـ ١٠٥.