إنّ شعره هذا يحكي عن وقوع شبهة لبعض أولياء أهل البيت عليهمالسلام فتصوروا المجاز حقيقة ، ولكنهم رجعوا إلى شرعة الحقيقة وشربوا من مائها العذب المعين.
وقد اتضح بهذا البحث الضافي على أنّ المذهب الكيساني تحدقه إبهامات وغموض في موَسسه وأتباعه وأهدافه تكاد تدفع الاِنسان إلى أنّه مذهب مختلق من جانب الأعداء ، ملصق بشيعة أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لغاية تشويش أذهان الشيعة أوّلاً وتحطيم سمعة السيف البّتار المختار بن أبي عبيدة ثانياً.
وهناك كلمة تدعم ما ذكرنا بأحسن وجه وهي أنّ الباعث الوحيد لترويج هذا المسلك هو العباسيون في بداية أمرهم لأنّهم كانوا يستمدون شرعية خلافتهم من هذا الطريق إذ يدعون أنّ أبا هاشم أوصى إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس.
قال الأشعري : قالوا إنّ أبا هاشم مات بأرض السراة منصرفاً من الشام فأوصى هناك إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس ، وأوصى محمد بن علي ، إلى ابنه إبراهيم بن محمد ثم أوصى إبراهيم بن محمد إلى أبي العباس ثم أفضت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور بوصية بعضهم إلى بعض (١).
فالعباسيون لأجل إضفاء الشرعية على خلافتهم كانوا يدعمون هذا المذهب ويصوّرونه أمراً واقعياً وصل إليهم من أئمة أهل البيت فمن الحسين عليهالسلام إلى أخيه محمد ابن الحنفية إلى ابنه أبي هاشم إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس إلى أن وصل إلى المنصور ذلك الحاكم الطاغي قاتل العلويين.
قال ابن خلدون في مقدمته : وآخرون يزعمون أنّ أبا هاشم لما مات بأرض السراة منصرفاً من الشام ، أوصى إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس ، وأوصى
__________________
١ ـ الاشعري : مقالات الاسلاميين : ٢١ ، وفي النسخة « الشراة ».