محمد إلى ابنه إبراهيم المعروف بالاِمام ، وأوصى إبراهيم إلى أخيه عبد اللّه بن الحارثية الملقب بالسفاح ، وأوصى هو إلى أخيه عبد اللّه أبي جعفر الملقب بالمنصور ، وانتقلت في ولده بالنص والعهد واحداً بعد آخر إلى آخرهم ، وهذا مذهب الهاشمية القائمين بدولة بني العباس ، وكان منهم : أبو مسلم وسليمان بن كثير وأبو سلمة الخلاّل وغيرهم من شيعة العباسية وربما يعضدون ذلك بأنّ حقهم في هذا الأمر يصل إليهم من العباس ، لأنّه كان حياً وقت الوفاة وهم أولى بالوراثة بعصبيّة العمومة (١).
والجدير بإلفات نظر القارىَ هو قول ابن خلدون : « وربما يعضدون ذلك بأنّ حقهم في هذا الأمر يصل إليهم من العباس » فإن ظاهره أنّ العباسيين يعضدون الكيسانية ويروجونها إذ من ذلك الطريق يصلون إلى شرعية حكمهم (٢).
وفي الختام نأتي بكلمتين للشيخ المفيد ، قال :
١ ـ أنّ جميع ما حكيناه من اعتقادات القوم ، أمر حادث ألجأ القوم إليه الاضطرار ، عند الحيرة ، وفراقهم الحقّ ، والأصل المشهور ما حكيناه من قول الجماعة المعروفة بإمامة أبي القاسم ـ محمد الحنفية ـ بعد أخويه والقطع على حياته وأنّه القائم (وأمّا غير هذا القول فقد حدث بعد زمن ، ألجأهم الاضطرار إليه).
٢ ـ انقرضت الكيسانيـة حتى لا يعرف منهم في هذا الزمان أحد إلاّ ما يحكى ولا تُعرف صحته ، ويقول في مورد آخر : « إنّ الكيسانية في وقتنا هذا لا بقية لهم ولا يوجد عدد منهم ، يقطع العذر بنقله ، بل لا يوجد أحد منهم يدخل في جملة أهل العلم بل لا نجد أحداً منهم جملة ، وإنّما تقع مع الناس الحكاية عنهم خاصة (٣).
____________
١ ـ ابن خلدون : المقدمة : ١ / ٢٥٠ ، طبع دار الفكر ، بيروت.
٢ ـ لاحظ البغدادي : الفرق بين الفرق : ٤٠ ـ ٤١.
٣ ـ الشيخ المفيد : الفصول المختارة : ٢٩٧ ـ ٣٠٥.